للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ إلى أنه لا يَجوزُ تَزويجُها مِنْ غيرِ كُفءٍ بغيرِ رِضاها، إلا رِوايةً عَنْ أبي حَنيفةَ كما تَقدَّمَ؛ لأنهُ إضرارٌ بها وإدخالٌ للعارِ عليها، فإنْ زوَّجَها مِنْ غيرِ كُفءٍ ثبَتَ لها الخِيارُ عندَ عامَّةِ الفقهاءِ؛ لِمَا رُوي عَنْ عائِشةَ أنها قالَتْ: «جاءَتْ فَتاةٌ إلى رَسولِ اللهِ فقالَتْ: يا رسولَ اللهِ إنَّ أبِي زوَّجَني ابنَ أخيهِ يَرفعُ بي خَسيستَهُ، فجعَلَ الأمرَ إليها، قالَتْ: فإني قد أجَزْتُ ما صنَعَ أبِي، ولكنْ أرَدتُ أنْ تَعلمَ النِّساءُ أنْ ليسَ للآباءِ مِنْ الأمرِ شيءٌ» (١).

وفي البُخارِيِّ: «عنِ الخَنساءِ بِنتِ خِذامٍ الأنصارِيةَ أنَّ أباها زوَّجَها وهيَ ثيِّبٌ فكَرهَتْ ذلكَ، فأتَتْ رسولَ اللهِ فرَدَّ نِكاحَه» (٢).

هَلِ الكَفاءةُ شرطٌ في صحَّةِ النكاحِ؟ أم في لُزومِهِ؟ أم ليستْ شرطًا أًصلاً؟

اختَلفَ الفُقهاءِ في الكَفاءةِ في النكاحِ، هل هي شَرطٌ في صحَّةِ النكاحِ فلا يَصحُّ النكاحُ إلا إذا حَصلَتِ الكَفاءةُ بينَ الزَّوجَينِ؟ أم شَرطٌ في لُزومِه فيَجوزُ للمَرأةِ أو لأوليائِها أنْ يَتنازَلُوا عنها؟ أم ليسَتْ شَرطًا أصلًا ولا يَثبتُ فيها خِيارٌ؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ الكَفاءةَ في النكاحِ ليسَتْ شَرطًا في صحَّةِ النكاحِ، بلْ شَرطٌ


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه النسائي (٣٢٦٩)، والإمام أحمد (٢٥٠٤٣)، وإسحاق بن راهويه في «مسنده» (١٣٥٩)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» (١٦٢٣٠).
(٢) رواه البخاري (٤٨٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>