الحالةُ الثانِيةُ: أنْ يُعلَمَ أنَّهما ماتَا معًا في حالةٍ واحِدةٍ:
اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّه إذا غرِقَ جَماعةٌ أو سقَطَ عليهم حائطٌ أو أُحرِقوا أو قُتلوا في مَعركةٍ ونحوَ ذلك وعُلمَ أنَّهما ماتَا معًا في لَحظةٍ واحِدةٍ أو حالةٍ واحدةٍ فإنَّه لا يَرثُ أحدُهما الآخَرَ، وإنَّما يَكونُ مِيراثُ كلِّ واحدٍ منهما لوَرثةِ الأَحياءِ؛ لأنَّه لم يَكنْ حيًّا حينَ مَوتِ الآخرِ، وشَرطُ الإِرثِ حَياةُ الوارثِ بعدَ مَوتِ المُورِّثِ، وهذا محلُّ إِجماعٍ مِنْ العُلماءِ أيضًا حَكاهُ الماوَرديُّ وغيرُه.
الحالةُ الثالِثةُ: أنْ لا يُدرَى هل ماتَا معًا أو ماتَ أَحدُهما قبلَ الآخرِ؟
اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو غرِقَ جَماعةٌ أو سقَطَ عليهم حائطٌ أو قُتِلوا في مَعركةٍ ولم يُعلَمْ من ماتَ منهم أولًا، هل يَرثُ كلُّ واحدٍ صاحبَه مِنْ تِلادِ مالِه -أي: أصلِ مالِه- أمْ لا يَتوارَثونَ مِنْ بعضٍ ويَكونُ مالُ كلِّ واحدٍ منهم للأَحياءِ مِنْ وَرثتِه ولا يَرثُ بعضُهم مِنْ بعضٍ؟
فذهَبَ الحَنفيةُ والمالِكيةُ إلى أنَّ الغَرقَى والهَدمَى إذا لَم يُعلَمْ أيُّهم ماتَ أولًا، فمالُ كلِّ واحدٍ للأَحياءِ مِنْ وَرثتِه، وهكذا الحُكمُ في كُلِّ جَماعةٍ ماتُوا ولا يُدرَى أيُّهم ماتَ أولًا كالقَتلَى والحَرقَى ونحوِهم، وهو قولُ عامَّةِ الصَّحابةِ والعُلماءِ.