للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرُّكنُ الثانِي: المُلتقِطُ:

مَنْ يَصحُّ مِنه الالتِقاطُ ومَن لا يَصحُّ:

اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ الإِنسانَ الحُرَّ المُسلِمَ البالِغَ العاقِلَ غيرَ المَحجورِ عليه لسَفهٍ يَصحُّ التِقاطُه.

واختلَفُوا في الذِّميِّ والمُرتدِّ والصَّغيرِ والمَجنونِ والسَّفيهِ، هل يَصحُّ التِقاطُهم أم لا؟

وسَببُ اختِلافِهم: هل المُغلَّبُ في اللُّقطةِ الأَمانةُ والوِلايةُ فلا يَصحُّ التِقاطُهم؟ أم المُغلَّبُ فيها الاكتِسابُ فيَصحُّ التِقاطُهم؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ في المَذهبِ عندَهم والحَنابِلةُ إلى أنَّه يَصحُّ الالتِقاطُ مِنْ أيِّ إِنسانٍ، سَواءٌ كانَ مُسلِمًا أو كافرًا، بالِغًا أو غيرَ بالِغٍ، عاقِلًا أو مَجنونًا، حُرًّا أو عَبدًا، إلا أنَّ الحَنفيةَ استَثنَوا المَجنونَ.

قالَ الحَنفيةُ: يَصحُّ التِقاطُ صَبيٍّ وعَبدٍ، ويَكونُ التَّعريفُ إلى وَليِّ الصَّبيِّ.

وصحَّ أيضًا التِقاطُ الكافِرِ والمُرتدِّ، وعليه فتَثبُتُ الأَحكامُ مِنْ التَّعريفِ والتَّصدُّقِ بعدَه أو الانتِفاعِ.

ويُشترطُ أنْ يَكونَ عاقِلًا، فلا يَصحُّ التِقاطُ المُجنونِ، وكذا المَعتوهُ على قَولٍ، وفائِدةُ عَدمِ صِحةِ التِقاطِ المَجنونِ ونحوِه أنَّه بعدَ الإِفاقةِ ليسَ له الأَخذُ مِمَّنْ أخَذَها مِنه (١).


(١) «البحر الرائق» (٥/ ١٦٢)، و «حاشية ابن عابدين» (٤/ ٢٧٧، ٢٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>