للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمَرضِ ونَحوِ ذلك، فتَعديلُه فيه أنْ يُعطيَ كلَّ واحِدٍ ما يَحتاجُ إليه، ولا فَرقَ بينَ مُحتاجِ قَليلٍ أو كَثيرٍ، ونَوعٌ تَشتركُ حاجَتُهم إليه من عَطيةٍ أو نَفقةٍ أو تَزويجٍ، فهذا لا رَيبَ في تَحريمِ التَّفاضُلِ فيه، ويَنشأُ من بينِهما نَوعٌ ثالِثٌ هو: أنْ يَنفردَ أحدُهما بحاجةٍ غيرِ مُعتادةٍ، مِثلَ أنْ يَقضيَ عن أحدِهما دَينًا وجَبَ عليه من أَرشِ جِنايةٍ أو يُعطيَ عنه المَهرَ أو يُعطيَه نَفقةَ الزَّوجةِ ونَحوَ ذلك، ففي وُجوبِ إِعطاءِ الآخَرِ مِثلَ ذلك نَظرٌ، وتَجهيزُ البَناتِ بالنِّحَلِ أشبَهُ، وقد يلحَقُ بهذا، والأشبَهُ أنْ يُقالَ في هذا: إنَّه يَكونُ بالمَعروفِ؛ فإنْ زادَ على المَعروفِ فهو من بابِ النِّحلِ، ولو كانَ أحدُهما مُحتاجًا دونَ الآخَرِ أنفَقَ عليه قَدرَ كِفايتِه، وأمَّا الزِّيادةُ فمِن النِّحلِ، فلو كانَ أحدُ الأَولادِ فاسِقًا فقالَ والِدُه: لا أُعطيك نَظيرَ إِخوتِك حتى تَتوبَ. فهذا حَسنٌ يَتعيَّنُ استِثناؤُه، وإذا امتنَعَ من التَّوبةِ فهو الظالِمُ؛ فإنْ تابَ وجَبَ عليه أنْ يُعطيَه، وأمَّا إنِ امتنَعَ من زيادةِ الدِّينِ لم يَجزْ مَنعُه (١).

تَفضيلُ بعضِ الأولادِ للحاجةِ أو تَخصيصُهم:

نَصَّ فُقهاءُ الحَنابِلةِ الذين قالوا بوُجوبِ التَّسويةِ بينَ الأَولادِ وحُرمةِ المُفاضلةِ على جَوازِ تَخصيصِ بعضِ الأولادِ لحاجةٍ.

قالَ ابنُ قُدامةَ : فإنْ خَصَّ بَعضَهم لمَعنًى يَقتَضي تَخصيصَه مِثلَ اختِصاصِه بحاجةٍ أو زَمانةٍ أو عَمًى أو كَثرةِ عائِلةٍ أو اشتِغالِه بالعِلمِ أو نَحوِه من الفَضائلِ، أو صرَفَ عَطيتَه عن بعضِ وَلدِه لفِسقِه أو بِدعتِه أو لكَونِه


(١) «الفتاوى الكبرى» (٤/ ٤١٦، ٤١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>