للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقالَ ابنُ رُشدٍ القُرطبيُّ : واختَلفُوا في النَّسبِ، هل هو مِنَ الكَفاءةِ أم لا؟ وفي الحُريةِ وفي اليَسارِ وفي الصِّحةِ مِنْ العُيوبِ، فالمَشهورُ عن مالِكٍ أنه يَجوزُ نِكاحُ المَوالي مِنْ العَربِ، وأنه احتَجَّ لِذلكَ بقولِه تعالَى: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾، وقالَ سُفيانُ الثَّوريُّ وأحمدُ: لا تُزوَّجُ العَربيةُ مِنْ مَولى، وقالَ أبو حَنيفةَ وأصحابُه: لا تُزوَّجُ قُرشيةٌ إلَّا مِنْ قُرشيٍّ، ولا عَربيةٌ إلا مِنْ عَربيٍّ.

والسَّببُ في اختِلافِهم اختِلافُهم في مَفهومِ قَولِه : «تُنكَحُ المَرأةُ لأربَعٍ: لمالِها ولحَسَبِها وجَمالِها ولدِينِها، فاظفَرْ بذاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَمِينُكَ» (١)، فمِنهُم مَنْ رأى أنَّ الدِّينَ هو المُعتبَرُ فقطْ؛ لقَولِه : «فعَليكَ بذاتِ الدِّينِ تَربَتْ يَمينُكَ»، ومِنهم مَنْ رَأى أنَّ الحسَبَ في ذلكَ هو بمَعنى الدِّينِ، وكذلكَ المالُ، وأنه لا يَخرجُ مِنْ ذلكَ إلا ما أخرَجَه الإجماعُ، وهو كَونُ الحسَبِ ليسَ مِنْ الكَفاءةِ (٢).

٣ - الحُريَّةُ:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّ الحُريةَ مِنْ خِصالِ الكَفاءةِ، فلا يَكونُ العَبدُ كُفئًا للحُرَّةِ؛ لأنها تُعيَّرُ به لأنه نَقصٌ وشَينٌ؛ لأنَّ العبدَ أنقَصُ مِنْ الحُرِّ فيَلحَقُ الأولياءَ العارُ بكَونِ وليَّتِهم تحتَه، ولأنه مَمنوعٌ مِنْ التصرُّفِ في كَسبِه غيرُ مالِكٍ لهُ، ولأنه خَيَّرَ بَريرةَ حينَ عُتقَتْ تحتَ العَبدِ،


(١) رواه البخاري (٤٨٠٢)، ومسلم (١٤٦٦).
(٢) «بداية المجتهد» (٢/ ١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>