للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأمَّا إنِ ادَّعتِ انقِضاءَ العدَّةِ في أقلَّ مِنْ ذلكَ لم تُسمعْ دَعواها ولا يُصغَى إلى بيِّنتِها؛ لأنَّنا نَعلمُ كذِبَها، فإنْ بقيَتْ على دَعواها حتَّى أتَى عليها ما يُمكنُ صِدقُها فيهِ نظَرْنا: فإنْ بقيَتْ على دَعواها المَردودةِ لم يُسمعْ قَولُها؛ لأنها تدَّعِي مُحالًا، وإنِ ادَّعتْ أنها انقضَتْ عدَّتُها في هذهِ المدَّةِ كلِّها أو فيما يُمكنُ منها قُبِلَ قَولُها؛ لأنه أمكَنَ صِدقُها، ولا فرْقَ في ذلكَ بينَ الفاسِقةِ والمَرْضيةِ والمُسلِمةِ والكافِرةِ؛ لأنَّ ما يُقبَلُ فيه قَولُ الإنسانِ على نفسِه لا يَختلفُ باختِلافِ حالِه، كإخبارِه عن بيِّنةٍ فيما تُعتبَرُ فيه بيِّنةٌ.

وإنِ ادَّعتِ انقِضاءَ حَيضِها في أكثَرَ مِنْ شَهرٍ صدِّقَتْ بغَيرِ بيِّنةٍ؛ لأنَّ حَيضَها في الشهرِ ثَلاثُ حِيَضٍ يَندُرُ جِدًّا، فرجَحَ ببيِّنةٍ، ولا يَندرُ فيما زادَ على الشهرِ كنُدرَتِه فيهِ، فقُبِلَ قولُها مِنْ غيرِ بيِّنةٍ (١).

ثانيًا: إذا قالَ الزَّوجُ للمَرأةِ: «كُنْتُ راجَعْتُكِ» فأنكَرَتِ الزَّوجةُ:

الزوجُ إذا ادَّعَى أنه راجَعَ زَوجتَه بأنْ قالَ لها: «كُنْتُ راجَعتُكِ أمسِ، أو الشَّهرَ الماضي» فهذا لا يَخلُو مِنْ حالتَينِ:

الحالةُ الأُولى: أنْ يَقولَ لها: «كُنْتُ راجَعْتُكِ أمسِ، أو الشهرَ الماضي» وهي ما زالَتْ في العدَّةِ:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّ الزوجَ إذا ادَّعى في عدَّتِها أنه


(١) «المغني» (٧/ ٤٠٥، ٤٠٦)، و «الفتاوى الكبرى» (٤/ ٥٨٧)، و «المبدع» (٧/ ٣٩٩، ٤٠٠)، و «الإنصاف» (٩/ ١٦١، ١٦٢)، و «كشاف القناع» (٥/ ٤٠١، ٤٠٣)، و «مطالب أولي النهى» (٥/ ٤٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>