للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمُرادُ بقَولِه : «لا يُقتلُ مُسلمٌ بكافِرٍ» الحَربيُّ؛ لأنَّ الكافرَ متَى أُطلقَ يَنصرفُ إلى الحَربيِّ عادةً وعُرفًا، فيَنصرفُ إليه تَوفيقًا بينَ الحَديثينِ.

ولأنَّ المُبيحَ هو الكُفرُ الباعِثُ على الحِرابِ، وكُفرُه ليسَ ببَاعثٍ على الحِرابِ، فلا يُكونُ مُبيحًا.

ولأنَّ المُساواةَ في الدِّينِ ليسَتْ بشَرطٍ، ألَا تَرى أنَّ الذميَّ إذا قتَلَ ذِميًّا ثم أسلَمَ القاتِلُ يُقتلُ به قِصاصًا ولا مُساواةَ بينَهُما في الدِّينِ، لكنَّ القِصاصَ مِحنةٌ امتُحِنُوا الخَلقُ بذلكَ، فكُلُّ مَنْ كانَ أقبَلَ بحَقِّ اللهِ تعالَى وأشكَرَ لنِعَمِه كانَ أَولى بهذهِ المِحنةِ؛ لأنَّ العُذرَ له في ارتِكابِ المَحذورِ أقلُّ، وهو بالوفاءِ بعَهدِ اللهِ تعالَى أَولى، ونِعَمُ اللهِ تعالَى في حقِّه أكمَلُ، فكانَتْ جِنايتُه أعظَمَ (١).

رابعًا: انتِفاءُ الأبوَّةِ: (الوالِدُ إذا قتَلَ ولَدَه، هل يُقتلُ به أم لا؟):

اختَلفَ الفُقهاءُ في الوالِدِ وإنْ عَلا إذا قتَلَ ولَدَه عَمدًا، هل يُقتلُ به أم لا؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنَّ الوالِدَ إذا قتَلَ ولَدَه لا يُقتلُ به، وعليهِ الدِّيةُ في مالِه؛ لِما رواهُ عَمرُو بنُ شُعيبٍ عن أبيه عن جَدِّه قالَ: «قتَلَ رَجلٌ ابنَهُ عَمداً فرُفِعَ إلى عُمرَ بنِ الخطَّابِ


(١) «بدائع الصنائع» (٧/ ٢٣٧)، و «الهداية» (٤/ ١٦٠)، و «العناية» (١٥/ ١٣٠)، و «الاختيار» (٥/ ٣٤، ٣٥)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ٣٧٣)، و «مجمع الأنهر» (٤/ ٣١٤)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٢٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>