للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ المالِكيةُ إلى أنَّ الزَّوجةَ إذا وَهبَتْ يَومَها لزَوجِها فليسَ لهُ أنْ يَخُصَّ بذلكَ اليومِ واحِدةً مِنْ نِسائِه، بل يُقدِّرُ الواهِبةَ كالعَدمِ، فمَن كانَ لهُ أربَعُ نِسوةٍ فباتَ عندَ إحداهُنَّ ثمَّ وهَبَتْ واحدةٌ مِنهنَّ نَوبتَها لهُ فتَسقُطُ، فإذا كانَتْ هي التَّاليةَ لِمَنْ نامَ عِندَها فينامُ عندَ مَنْ يَليها، وهَكذا.

قالَ في «التَّوضِيح»: ويَنبغِي سُؤالُ واهِبةِ الزَّوجِ هل أرادَتِ الإسقاطَ أو أرادَتْ تَمليكَهُ، فإنْ أرادَتِ الثَّاني فلهُ أنْ يَخُصَّ به. انتهى (١).

رُجوعُ الواهِبةِ في هِبتِها:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّه يَجوزُ للمَرأةِ الَّتي وهَبَتْ يَومَها لزَوجِها أو لضَرَّتِها أو لضَرائرِها أنْ تَرجِعَ في هِبتِها؛ لأنها أسقَطَتْ حقًّا لم يَجبْ بَعدُ، فلا يَكونُ مُلزِمًا، كالعارِيةِ يَرجِعُ فيها المُعيرُ متَى شاءَ، ولأنها يَلحقُها مِنْ الغَيرةِ فلا قُدرةَ لها على الوَفاءِ، إلَّا أنها إذا رجَعَتْ في هِبتِها وطالَبَتِ الزَّوجَ بالقَسْمِ لها سقَطَ حقُّها فيما مَضى؛ لأنها هِبةٌ اتَّصلَ فيها القَبضُ، وقَسَمَ لها في المُستقبَلِ؛ لأنها رجَعَتْ في هِبةٍ لم تُقبَضْ.

فلو رجَعَتْ في بَعضِ يَومِها وقد مَضى بَعضُه كانَتْ أحَقَّ بباقيهِ مِنْ الَّتي صارَ لها، وعلى الزَّوجِ أنْ يَنتقلَ فيهِ إليها، فلو رجَعَتِ الواهِبةُ في يَومِها ولم يَعلمِ الزَّوجُ برُجوعِها حتَّى مَضى عليهِ زَمانٌ ثمَّ عَلِمَ لَم يَقضِها


(١) «مواهب الجليل» (٥/ ٢٢٥)، و «التاج والإكليل» (٣/ ٩)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ٦، ٧)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٢٠٩)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٩٤)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٥/ ٢٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>