وقالَ المالِكيةُ: لو عَلِمَ الوالدُ وليُّ المَحضونِ أنَّ الحاضِنةَ قد تزوَّجتْ ودخَلَ بها زَوجُها وسكَتَ مع ذلكَ عامًا فصاعِدًا فلا قِيامَ له وليسَ له أخذُه منها؛ لأنه يُعَدُّ بذلكَ تارِكًا لحَقِّه؛ لأنَّ سُكوتَه مع العِلمِ في هذهِ المُدةِ دَليلٌ على أنه أسقَطَ حقَّه مِنْ ذلكَ (١).
ثَانيًا: أنْ تَتزوَّجَ الأمُّ مِنْ ذي رَحمٍ مَحرمٍ:
نَصَّ عامَّةُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ في المَذهبِ والشافِعيةُ في الأصَحِّ والحَنابلةُ على أنَّ الأمَّ لو تَزوَّجتْ بذِي رَحمٍ مَحرمٍ مِنْ الصبيِّ لا يَسقطُ حَقُّها في الحَضانةِ، كما لو تَزوَّجتِ الأمُّ بعَمِّ الصبيِّ أو بابنِ عمِّه، أو الجَدُّ إذا تزوَّجَ بالجدَّةِ؛ لأنَّ مَنْ نكَحَتْه له حقٌّ في الحضانةِ وشَفقتُه تَحملُه على رِعايتِه، فيَتعاونانِ على كَفالتِه، كما لو كانَتْ في نكاحِ الأبِ؛ لأنه لا يَلحقُه الجَفاءُ منهُما؛ لوُجودِ المانعِ مِنْ ذلكَ وهو القَرابةُ الباعِثةُ على الشَّفقةِ، ولأنَّ النبيَّ ﷺ قَضَى بابنةِ حَمزةَ لخالتِها وهي مُتزوِّجةٌ بابنِّ عمِّ أبيها، فعَن نَافعِ بنِ عُجيرٍ عن أبيه عن عَليٍّ ﵁ قالَ: «خرَجَ زيدُ بنُ حارِثةَ إلى مكَّةَ فقَدِمَ بابنَةِ حَمزةَ فقالَ جَعفرٌ: أنا آخُذُها أنا أحَقُّ بها، ابنَةُ عمِّي وعِندي خالتُها، وإنَّما الخالةُ أمٌّ، فقالَ عَليٌّ: أنا أحَقُّ بها، ابنَةُ عمِّي وَعِندِي ابنةُ رَسولِ اللهِ ﷺ، وهي أحَقُّ بها، فقالَ زَيدٌ: أنا أحَقُّ بها، أنا خَرَجتُ إليها وسافَرتُ وقَدِمتُ بها، فخرَجَ النبيُّ
(١) «التاج والإكليل» (٣/ ٢٦٢)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ٢١٣)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٥١٣)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٤٤٥).