للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ ابنُ القَيمِ : فلو وقَعَ الصُّلحُ مُطلَقًا من غيرِ شَرطِ حَملٍ على ما وقَعَ عليه صُلحُ عُمرَ وأخَذوا بشُروطِه؛ لأنَّها صارَت كالشَّرعِ فيُحمَلُ مُطلَقُ صُلحِ الأئِمةِ بعدَه عليها (١).

صُلحُ عُمرَ بنِ الخَطابِ -:

عن عبدِ الرَّحمنِ بنِ غُنمٍ، قالَ: كَتبتُ لعُمرَ بنِ الخَطابِ حينَ صالَحَ أهلَ الشامِ: «بسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحيمِ، هذا كِتابٌ لعبدِ اللهِ عُمرَ أميرِ المُؤمنينَ من نَصارى مَدينةِ كذا وكذا، إنَّكُم لمَّا قَدِمتُم علينا سأَلناكم الأمانَ؛ لأنفُسِنا وذَراريِّنا وأموالِنا وأهلِ مِلَّتِنا، وشَرَطنا لكم على أنفُسِنا ألَّا نُحدِثَ في مَدينَتِنا وَلا فيما حَولَها دَيرًا ولا كَنيسةً ولا قَلَّايةً وَلا صَومَعةَ راهِبٍ، ولا نُجدِّدَ ما خرِبَ منها، ولا نُحييَ ما كانَ منها في خُططِ المُسلِمينَ، وألَّا نَمنَعَ كَنائسَنا أنْ يَنزِلَها أحَدٌ من المُسلِمينَ في ليلٍ ولا نَهارٍ، وأنْ نوَسِّعَ أبوابَها للمارةِ وابنِ السَّبيلِ، وأن نُنزِلَ مَنْ مَرَّ بنا من المُسلِمينَ ثَلاثَةَ أيَّامٍ ونُطعِمَهم، وألَّا نُؤمِّنَ في كَنائسِنا ولا مَنازِلِنا جاسوسًا، ولا نَكتُمَ غِشًّا للمُسلِمينَ، ولا نُعلِمَ أولادَنا القُرآنَ، ولا نُظهِرَ شِركًا ولا نَدعوَ إليه أحدًا، ولا نَمنَعَ أحَدًا من قَرابَتِنا الدُّخولَ في الإسلامِ إن أرادَه، وأنْ نوَقِّرَ المُسلِمينَ، وأن نَقومَ لهم من مَجالِسِنا إنْ أرادوا جُلوسًا، وَلا نَتشبَّهَ بهم في شَيءٍ من لباسِهِم من قَلَنسوةٍ ولا عِمامةٍ ولا نَعلَيْن ولا فَرقِ شَعَرٍ، ولا نَتكلَّمَ بكَلامِهم، ولا نَتكَنَّى بكُناهُم، ولا نَركَبَ السُّروجَ، ولا نَتقلَّدَ السُّيوفَ،


(١) «أحكام أهل الذمة» (٢/ ١٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>