للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شُروطُ صِحَّةِ المُزارَعةِ عندَ المالِكيَّةِ:

قالَ المالِكيَّةُ: تَصحُّ المُزارَعةُ بأربَعةِ شُروطٍ:

الشَّرطُ الأولُ: إنْ سَلِمَا: أي: المُتعاقِدانِ، مِنْ كِراءِ الأرضِ بأجْرٍ مَمنوعٍ كِراؤُها به؛ بأنْ وقعَ الكِراءُ بذَهَبٍ أو فِضَّةٍ، أو بعَرضٍ، أو حَيَوانٍ، لا بطَعامٍ، ولو لم تُنبِتْهُ الأرضُ، كعَسَلٍ، ولا ببَعضِ ما تُنبِتُه مِنْ غيرِ الطَّعامِ، كالقُطنِ والكَتَّانِ، ويَجوزُ بالقَصَبِ والخَشَبِ ونَحوِهما، كالحَشيشِ والشَّبِّ والكِبريتِ، ونَحوِ ذلك مِنْ المَعادِنِ.

والدَّليلُ على مَنعِ ذلك: ما رَواه سُليمَانُ بنُ يَسَارٍ أنَّ رَافِعَ بنَ خَديجٍ قالَ: «كُنَّا نُخَابِرُ على عَهْدِ رَسولِ اللَّهِ ، فذكرَ أنَّ بَعْضَ عُمُومَتهِ أتَاهُ فقالَ: نَهَى رَسولُ اللَّهِ عن أمْرٍ كانَ لنا نَافِعًا، وَطَوَاعيَةُ اللَّهِ وَرسُولِهِ أنْفَعُ لنا، وأَنْفَعُ، قالَ: قُلْنا: وما ذاكَ؟ قالَ: قالَ رَسولُ اللَّهِ : مَنْ كانَتْ له أرضٌ فلْيَزْرَعْهَا، أو فَلْيُزْرِعْهَا أخَاهُ، ولا يُكارِهَا بثُلُثٍ ولا برُبُعٍ ولا بطَعَامٍ مُسمًّى» (١). وهذا نَصٌّ، ولأنَّه طَعامٌ، أشبَهَ ما تُنبِتُه، ولأنَّ ذلك بَيعُ طَعامٍ بطَعامٍ مُتأخِّرٍ ومَجهولٍ؛ لأنَّ المالِكَ كأنَّه باعَه بهذا الطَّعامِ، أو ما تُنبِتُه أرضُه أو بكِراءٍ مِنْ طَعامٍ بمِثلِه إلى أجَلٍ، وابتاعَ منه عَسَلًا أو لَبنًا، بما تُخرِجُه أرضُهُ إلى أجَلٍ، فدَليلُنا على مَنعِ إجارَتِها ببَعضِ ما يَخرُجُ منها مِنْ غيرِ الطَّعامِ ما رَواهُ حَنظَلَةُ بنُ قَيسٍ عن رافِعِ بنِ خَدِيجٍ قال:


(١) رواه أبو داود (٣٣٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>