للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدَينِ المَضمونِ عنه، ولَم يُصَلِّ عليه النَّبيُّ ، ولأنَّه تَبرُّعٌ بذلك، أشبَهَ ما لو علَف دوابَّه وأطعَمَ عَبيدَه بغَيرِ أمرِه (١).

القَولُ الآخَرُ: أنَّه يَرجعُ، وهو قَولُ مالِكٍ والرِّوايةُ الأُخرى عن الإمامِ أحمدَ (٢).

قال ابنُ قُدامةَ : لأنَّه قَضاءٌ مُبرِئٌ مِنْ دَينٍ واجِبٍ، فكان مِنْ ضَمانِ مَنْ هو عليه، كالحاكِمِ إذا قَضى عنه عندَ امتِناعِه، فأمَّا علِيٌّ وأبو قَتادةَ فإنَّهما تَبرَّعا بالقَضاءِ والضَّمانِ، فإنَّهما قَضيا دَينَه قَصدًا لِتَبرئةِ ذِمَّتِه، لِيُصلِّيَ عليه النَّبيُّ مع عِلمِهما بأنَّه لَم يَترُكْ وَفاءً، والمُتبرِّعُ لا يَرجعُ بشَيءٍ، وإنَّما الخِلافُ في المُحتسَبِ بالرُّجوعِ (٣).

متى يَرجعُ الكَفيلُ؟

إنْ كان الدَّينُ حالًّا فلِلكَفيلِ أنْ يَرجعَ بعدَ الأداءِ؛ فإذا طالَبه المَكفولُ له فله أنْ يُطالِبَ المَدينَ بالأداءِ، ولكنْ ليس له حَقُّ الرُّجوعِ إلا إذا أدَّى هو الدَّينَ، أمَّا إذا كان الدَّينُ مُؤجَّلًا فليس لِلكَفيلِ حَقُّ الرُّجوعِ إلَّا بعدَ حُلولِ الأجَلِ والأداءِ؛ فإذا أدَّى قبلَ الأجَلِ فلا يَرجعُ إلا بعدَ الحُلولِ.

وإذا حلَّ الدَّينُ المُؤجَّلُ على الضامِنِ بمَوتِه، أخْذًا بقَولِ مَنْ رأى أنَّ الأجَلَ يَسقطُ بمَوتِ مَنْ له الأجَلُ، فاستَوفى الغَريمُ الدَّينَ مِنْ تَرِكتِه، فليس لِوَرثتِه مُطالبةُ المَضمونِ عنه حتى يَحِلَّ الأجَلُ عليه.


(١) «المغني» (٦/ ٣٣٣)، و «المجموع» (١٣/ ١٩٦).
(٢) «بدائع الصانع» (٧/ ٣٨٨)، و «المغني» (٦/ ٣٣٣)، و «الكافي» (٣٩٩).
(٣) «المغني» (٦/ ٣٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>