للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ ابنُ القيِّمِ : المِثالُ الحادي بعدَ المِئةِ: رَجُلٌ قالَ لِغيرِه: اشتَرِ هذه الدَّارَ أو هذه السِّلعةَ مِنْ فُلانٍ بكذا وكذا، وأنا أُربِحُكَ فيها كذا وكذا، فخافَ إنِ اشتَراها أنْ يَبدوَ لِلآمِرِ فلا يُريدَها، ولا يَتمكَّنَ مِنْ الرَّدِّ؛ فالحِيلةُ أنْ يَشتَريَها على أنَّه بالخيارِ ثَلاثةَ أيَّامٍ أو أكثَرَ، ثم يَقولَ لِلآمِرِ: قد اشتَرَيتُها بما ذَكَرتَ، فإنْ أخَذها منه وإلَّا تَمكَّنَ مِنْ رَدِّها على البائِعِ بالخِيارِ؛ فإنْ لَم يَشتَرِها الآمِرُ إلَّا بالخيارِ فالحِيلةُ أنْ يَشتَرِطَ له خِيارًا أنقَصَ مِنْ مُدَّةِ الخيارِ التي اشتَرطَها هو على البائِعِ؛ لِيَتَّسِعَ له زَمَنُ الرَّدِّ إنْ رُدَّتْ عليه (١).

إلحاقُ الخيارِ بالبَيعِ بعدَ انعِقادِه:

اختلَف الفُقهاءُ فيما لو ألحَقا في العَقدِ خِيارًا بعدَ لُزومِ البَيعِ، هل يَلحَقُه ويَصحُّ أو لا؟ على تَفصيلٍ في كلِّ مَذهبٍ.

قالَ الحَنفيَّةُ: يَجوزُ إلحاقُ خيارِ الشَّرطِ بالبَيعِ، فلو قالَ أحَدُهما بعدَ البَيعِ -ولو بأيَّامٍ-: جَعَلتُكَ بالخيارِ ثَلاثةَ أيَّامٍ، صَحَّ بالإجماعِ.

فلو شَرَطاه بعدَه أزيَدَ مِنْ الثَّلاثةِ فسَد العَقدُ عندَ الإمامِ أبي حَنيفةَ؛ لأنَّها أقصى مُدَّةِ الخيارِ عندَه، خِلافًا لِأبي يُوسفَ ومُحمَّدٍ؛ لأنَّهما قالا: يَجوزُ الخيارُ أكثَرَ مِنْ ثَلاثةِ أيَّامٍ، كما لو ألحَقا بالبَيعِ شَرطًا فاسِدًا، فإنَّه يَلتحِقُ ويَفسُدُ العَقدُ عندَه، وعندَهما لا يَفسُدُ ويَبطُلُ الشَّرطُ (٢).


(١) «إعلام الموقعين» (٤/ ٢٩).
(٢) «شرح فتح القدير» (٦/ ٣٠٠)، و «البحر الرائق» (٦/ ٣)، و «اللباب» (١/ ٣٦١)، و «حاشية ابن عابدين» (٤/ ٥٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>