للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسَببُ اختِلافِهم شَيئانِ: أحَدُهما: هلْ قَولُ الصَّاحبِ حُجَّةٌ؟ والآخَرُ: قِياسُ النِّكاحِ في ذلكَ على البَيعِ.

فأمَّا قَولُ الصَّاحِبِ الوَاردُ في ذلكَ: فهوَ ما رُويَ عنْ عُمرَ بنِ الخطَّابِ أنه قالَ: «أيُّما رَجلٍ تَزوَّجَ امرَأةً وبها جُنونٌ أو جُذامٌ أو بَرَصٌ -وفي بَعضِ الرِّواياتِ: أو قَرَنَ- فلَها صَداقُها كامِلًا، وذلكَ غُرمٌ لِزَوجِها على وَليِّها» (١).

وأمَّا القِياسُ على البَيعِ: فإنَّ القائِلينَ بمُوجِبِ الخِيارِ للعَيبِ في النِّكاحِ قالُوا: النكاحُ في ذلكَ شَبيهٌ بالبَيعِ، وقالَ المُخالِفونَ لهُم: ليسَ شَبيهًا بالبَيعِ؛ لِإجماعِ المُسلمِينَ على أنَّه لا يُرَدُّ النكاحُ بكُلِّ عَيبٍ ويُرَدُّ بهِ البَيعُ (٢).

ثُبوتُ الخِيارِ للزوجَينِ معًا:

اختَلفَ الفُقهاءُ هَلْ فَسخُ النِّكاحِ خاصٌّ بالزَّوجةِ دُونَ الزَّوجِ؟ أم يَثبتُ لهُما جَميعًا على سَواءٍ؟

فذَهبَ الحَنفيةُ إلى أنَّ التَّفريقَ خاصٌّ بعُيوبِ الزَّوجِ دُونَ عُيوبِ الزَّوجةِ، فيَثبتُ للزوجةِ الخِيارُ إذا وَجدَتْ بزَوجِها عَيبًا.

وإذا كانَ بالزوجَةِ عَيبٌ -أيَّ عَيبٍ كانَ- كجُنونٍ أو جُذامٍ أو بَرَصٍ أو رَتْقٍ أو قَرَنٍ فلا يَثبتُ لزَوجِها الخِيارُ؛ لِمَا فيهِ مِنَ الضَّررِ بها بإبطالِ حَقِّها،


(١) رواهُ مالِكٌ في «الموطأ» عن سَعيدِ بنِ المُسيبِ عنه (١٠٩٧).
(٢) «بداية المجتهد» (٢/ ٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>