إذا نقَضَ الذِّميُّ العَهدَ فهو بمَنزِلةِ المُرتدِّ في جَميعِ أَحكامِه، ويُحكَمَ بمَوتِه باللَّحاقِ بدارِ الحَربِ؛ لأنَّه التحَق بالأَمواتِ، وتَبِينُ منه زَوجتُه الذِّميةُ التي خلَّفَها في دارِ الإسلامِ، وتُقسَّمُ تَرِكتُه، وإذا تابَ ورجَعَ تُقبَلُ تَوبتُه وتَعودُ ذِمَّتُه، إلا أنَّه لو غلَبَ عليه المُسلِمونَ وأُسِر يُستَرقُّ، بخِلافِ المُرتَدِّ، وهذا كلُّه عندَ الحَنفيةِ (١).
فقالَ المالِكيةُ: قُتلَ بسَبِّ نَبيٍّ بما لمْ يَكفُرْ به وُجوبًا، وبغَصبِ مُسلمةٍ على الزِّنا، أو غَرِّها بإِسلامِه فتَزوجَتْه وهو غيرُ مُسلمٍ وأبى الإِسلامَ بعدَ ذلك، أمَّا المُطَّلِعُ على عَوراتِ المُسلِمينَ فيَرى الإمامُ فيه رَأيَه بقَتلٍ أو استِرقاقٍ.
ومَنِ التحَق بدارِ الحَربِ ثم أسَره المُسلِمونَ جازَ استِرقاقُه، وإنْ خرَجَ لظُلمٍ لحِقه لا يُستَرقُّ ويُردُّ لجِزيتِه.
وأمَّا قَطعُ الطَّريقِ والسَّرقةُ ونَحوُهما، فحُكمُه فيها حُكمُ المُسلِمينَ، يُقامُ عليه فيها الحَدُّ كما يُقامُ على المُسلِمينَ، وليسَ ذلك من بابِ نَقضِ العَهدِ.
(١) «ابن عابدين» (٣/ ٢٧٧)، و «البناية على الهداية» (٥/ ٨٤٢).