للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الحَنابلةُ: ومَن ترَكَ الإنفاقَ الواجِبَ مدَّةً لم يَلزمْه عِوضُه؛ لأنَّ نَفقةَ القَريبِ وجَبَتْ لدَفعِ الحاجةِ وإحياءِ النَّفسِ، وقد حصَلَ ذلكَ في الماضِي بدُونِها، إلا إنْ فرَضَها حاكِمٌ؛ لأنها تأكَّدتْ بفَرضِه كنَفقةِ الزَّوجةِ، أو أنْ يَستدينَ عليهِ بإذنِ الحاكمِ.

لكنْ لو غابَ زَوجٌ فاستَدانَتْ لها ولأولادِها الصِّغارِ رجَعَتْ بما استَدانتْه (١).

بمَن يبدَأُ في النَّفقةِ:

اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ الإنسانَ إذا لم يَفضلْ عنهُ ما يَكفِي جَميعَ مَنْ تَجبُ نَفقتُهم فإنَّه يبدَأُ بالتالي:

يَبدأُ بنَفسِه.

فإنْ فضَلَ عِندَه شَيءٌ بدَأَ بزَوجتِه؛ لأنها واجِبةٌ على سبيلِ المُعاوَضةِ، فقُدِّمتْ على المُواساةِ، ولذلكَ وجَبَتْ مع اليَسارِ والإعسارِ.

فإنْ فضَلَ معَه شَيءٌ بدَأَ بأولادِه.

لحَديثِ سَعيدِ بنِ أبي سَعيدٍ المَقبُريِّ عن أبي هُريرةَ عن رَسولِ اللهِ أنه قالَ يَومًا لأصحابِه: «تَصدَّقوا، فقالَ رَجلٌ: يا رَسولَ اللهِ عِندي دِينارٌ، قالَ: أنفِقْه على نَفسِكَ، قالَ: إنَّ عِندي آخَرَ، قالَ: أنفِقْه على زَوجتِكَ، قالَ: إنَّ عِندي آخَرَ، قالَ: أنفِقْه على وَلدِكَ، قالَ: إنَّ عِندي آخَرَ، قالَ: أنفِقْه على خادِمِكَ، قالَ: إنَّ عِندي آخَرَ، قالَ: أنتَ أبصَرُ» (٢).


(١) «المبدع» (٨/ ٢٢٠)، و «الإنصاف» (٩/ ٤٠٣)، و «كشاف القناع» (٥/ ٥٦٩).
(٢) رواه ابن حبان في «صحيحه» (٣٣٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>