للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَفنُ مَيِّتٍ مَكانَ مَيِّتٍ آخَرَ:

صرَّحَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ بأنَّه لا يَجوزُ بل يَحرُمُ أنْ يُدفَنَ ميِّتٌ في مَوضعِ ميِّتٍ آخَرَ حتى يَبلَى الأوَّلُ، بحيثُ لا يَبقَى منه شَيءٌ لا لَحمٌ ولا عَظمٌ.

فإنْ لَم يَبقَ منه شَيءٌ، لا لَحمٌ ولا عَظمٌ، يَجوزُ نَبشُه والدَّفنُ فيه، ويَختلِفُ ذلك باختِلافِ البِقاعِ والبِلادِ والهَواءِ، وهو في البِلادِ الحارَّةِ أسرَعُ منه في البارِدةِ، وإنْ شَكَّ في أنَّه بلِيَ وصارَ تُرابًا رجَعَ فيه إلى أهلِ الخِبرةِ به، ثم إنْ وُجدَ فيه عِظامٌ لَم يَجزْ دَفنُ آخَرَ فيه إلا لِحاجةٍ، ككَثرةِ مَوتى بقَتلٍ أو غيرِه، فيَجوزُ دَفنُ اثنَينِ فأكثَرَ في قبْرٍ واحِدٍ للعُذرِ، ويُسنُّ أنْ يُحجَزَ بينَهما بتُرابٍ يَفصِلُ بينَهما، ولا يَكفي الكَفنُ.

إلا أنَّ الإمامَ الشافِعي قالَ: فلو فرَغَ مِنْ القَبْرِ وظهَرَ فيه شَيءٌ مِنْ العِظامِ، لَم يَمتنِعْ أنْ يُجعَلَ في جَنبِ القبْرِ، ويُدفَنَ الثاني معه، وكذا لو دَعتِ الحاجَةُ إلى دَفنِ الثانِي مع العِظامِ دُفنَ معها» (١).


(١) «المجموع» (٦/ ٣٨٩، ٣٩٠)، و «الحاوي الكبير» (٣/ ٢٧)، و «شرح فتح القدير» (٢/ ١٢١)، و «ابن عابدين» (٢/ ٢٣٣)، و «حاشية الطحطاوي» (١/ ٤٠٦)، و «بلغة السالك» (١/ ٣٧٦)، و «مواهب الجليل» (٢/ ٢٥٣)، و «حاشية الدسوقي» (١/ ٤٢٨)، و «المغني» (٣/ ٢٨٤)، و «الفروع» (٢/ ٢١٨)، و «الإنصاف» (٢/ ٥٥٣)، و «مطالب أولي النهى» (١/ ٩١٤)، و «شرح منتهى الإرادات» (١/ ٣٧٧)، و «منار السبيل» (١/ ١٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>