للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوَصيةُ للأَقرَبينَ غيرِ الوارِثينَ:

الكَلامُ في الوَصيةِ للأَقربينَ غيرِ الوارِثينَ يَكونُ في ثَلاثِ مَسائلَ:

المَسألةُ الأُولى: استِحبابُ الوَصيةِ للأَقرَبينَ غيرِ الوارِثينَ:

أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ الأفضَلَ أنْ يَجعلَ وَصيَّتَه لأَقاربِه الذين لا يَرِثونَ إذا كانوا فُقراءَ.

قالَ ابنُ عبدِ البَرِّ : لا خِلافَ بينَ العُلماءِ أنَّ الوَصيةَ للأَقاربِ أفضَلُ من الوَصيةِ لغيرِهم إذا لم يَكونوا وَرثةً، وكانوا في حاجةٍ، وكذلك لا خِلافَ علِمتُه بينَ العُلماءِ في جَوازِ وَصيةِ المُسلمِ لقَرابتِه الكُفارِ؛ لأنَّهم لا يَرِثونَه، وقد أوصَتْ صَفيةُ بِنتُ حُيَيٍّ لأخٍ لها يَهوديٍّ (١).

وقالَ ابنُ قُدامةَ: وذلك لأنَّ اللهَ تَعالى كتَبَ الوَصيةَ للوالِدَينِ والأَقرَبينَ فخرَجَ منه الوارِثونَ بقَولِ النَّبيِّ : «لا وَصيةَ لوارِثٍ» وبَقيَ سائِرُ الأَقاربِ لهم، وأقَلُّ ذلك الاستِحبابُ.

وقد قالَ اللهُ تَعالى: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ﴾ [الإسراء: ٢٦]، وقالَ تَعالى: ﴿وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى﴾ [البقرة: ١٧٧]، فبدَأَ بهم، ولأنَّ الصَّدقةَ عليهم في الحَياةِ أفضَلُ، فكذلك بعدَ المَوتِ (٢).


(١) «التمهيد» (٣٠٠).
(٢) «المغني» (٦/ ٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>