للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ : وأمَّا النَّظرُ إلى المَرأةِ عندَ الخِطبةِ فأجازَ ذلكَ مالكٌ إلى الوَجهِ والكفَّينِ فقَطْ، وأجازَ ذلكَ غيرُه إلى جَميعِ البدَنِ عَدا السَّوأتَينِ، ومنَعَ ذلك قَومٌ على الإطلاقِ، وأجازَ أبو حَنيفةَ النَّظرَ إلى القدَمَينِ مع الوجهِ والكفَّينِ.

والسَّببُ في اختِلافِهم أنهُ ورَدَ الأمرُ بالنَّظرِ إليهنَّ مُطلَقًا، وورَدَ بالمَنعِ مُطلَقًا، وورَدَ مُقيَّدًا، أعنِي بالوَجهِ والكفَّينِ على ما قالَه كَثيرٌ مِنْ العُلماءِ في قَولِه تعالَى: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ [النور: ٣١] إنهُ الوَجهُ والكَفَّانِ، وقياسًا على جَوازِ كَشفِهما في الحَجِّ عندَ الأكثَرِ (١).

هل يُشتَرطُ إذنُ المَخطوبةِ للنَّظرِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في المرأةِ المَخطوبةِ، هل يَجوزُ النَّظرُ إليها بغيرِ عِلمِها أو عِلمِ وَليِّها إذا كانَتْ مُجبَرةً؟ أم لا بُدَّ مِنْ إذنِها؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءُ الحَنفيةُ والشَّافعيةُ والحَنابلةُ إلى أنهُ يَجوزُ النَّظرُ إليها بغيرِ عِلمِها؛ لقَولِ النبيِّ : «إذا خطَبَ أحَدُكم امرأةً فلا جُناحَ عليه أنْ يَنظرَ إليها إذا كانَ إنَّما يَنظرُ إليها لخِطبتِه وإنْ كانَتْ لا تَعلمُ» (٢).


(١) «بداية المجتهد» (٢/ ٣).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أحمد (٢٣٦٥٠، ٢٣٦٥١)، و «الطحاوي في شرح معاني الآثار» (٣/ ١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>