وذهَبَ ابنُ تَيميةَ وغيرُه إلى أنه يَحصلُ بكُلِّ لَفظٍ يُؤدِّي معناه؛ لأنه لم يَرِدْ نَصٌّ مِنْ القُرآنِ أو السُّنةِ أو أقوالِ الصَّحابةِ يَدلُّ على أنَّ النكاحَ لا يَحصلُ إلا بهذه الألفاظِ.
وبَيانُ ذلكَ فيما يلي:
١ - لفظُ الهِبةِ:
اختَلفَ الفُقهاءُ في النكاحِ، هل يَنعقدُ بلَفظِ الهِبةِ ويكونُ مِنْ الكِناياتِ؟ أم لا يَنعقدُ ولا بُدَّ مِنْ لفظِ الإنكاحِ أو التَّزويجِ؟
فذهَبَ الشَّافعيةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنه لا يَصحُّ النكاحُ بلَفظِ الهِبةِ، ولا يَصحُّ إلَّا بلَفظِ الإنكاحِ أو التَّزويجِ أو ما اشتُقَّ منهُما فقط، ولا يَنعقدُ بلفظِ الهبةِ؛ لقولِ اللهِ تعالَى: ﴿وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأحزاب: ٥٠]، فذكَرَ ذلكَ خالِصًا لرسولِ اللهِ ﷺ، وأنه مَخصوصٌ بالنكاحِ بلَفظِ الهبةِ، وأنَّ غيْرَه لا يُساويهِ، ولأنهُ لفظٌ يَنعقدُ به غيرُ النكاحِ، فلمْ يَنعقدْ به النكاحُ كلَفظِ الإجارةِ والإباحةِ والإحلالِ، ولأنه ليسَ بصَريحٍ في النِّكاحِ، فلا يَنعقدُ به، كالَّذي ذكَرْنا، وهذا لأنَّ الشَّهادةَ شَرطٌ في النكاحِ، والكِنايةُ إنَّما تُعلَمُ بالنيةِ، ولا يُمكِنُ الشَّهادةُ على النيةِ؛ لعَدمِ اطِّلاعِهم عليها، فيَجبُ أنْ لا يَنعقدَ.
وقد قالَ النبيُّ ﷺ: «اتَّقُوا اللهَ في النِّساءِ، فإنَّكُم أخَذتُموهُنَّ