للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُكمُ الهَديَّةِ لِلمُقرِضِ:

لا خِلافَ بينَ العُلماءِ على أنَّ المُقرِضَ لو شرَط على المُقترِضِ هَديَّةً فإنَّه حَرامٌ ورِبًا ولا يَحِلُّ له أخذُها.

قال الإمامُ ابنُ المُنذرِ : وأجمَعوا على أنَّ المُسلِفَ إذا شَرَط عندَ السَّلفِ هَديَّةً أو زيادةً فأسلَفَه على ذلك فأخْذُه الزِّيادةَ على ذلك رِبًا (١).

ثم اختَلَفوا فيما لو أهدى له مِنْ غيرِ شَرطٍ.

فقال الحَنفيَّةُ والشافِعيَّةُ: لا بأسَ بهَديَّةِ المُستقرِضِ لِلمُقرِضِ مِنْ غيرِ شَرطٍ، ولكنَّ الأفضَلَ التَّنزُّهُ والتَّورُّعُ عنها إنْ عَلِمَ أنَّه إنَّما يُعطيه لِأجْلِ القَرضِ.

قال الحَنفيَّةُ: لا بأسَ بهَديَّةِ مَنْ عليه القَرضُ لِمُقرِضِه، لكنَّ الأفضَلَ أنْ يَتورَّعَ المُقرِضُ عن قَبولِ هَديَّتِه إذا عَلِمَ أنَّه إنَّما يُعطيه لِأجْلِ القَرضِ، أمَّا إذا عَلِمَ أنَّه لَم يُعطِه لِأجْلِ القَرضِ، بل لِقَرابةٍ أو صَداقةٍ بينَهما، لا يَتورَّعُ عن القَبولِ، وكذا لو كان المُستقرِضُ مَعروفًا بالجُودِ والسَّخاءِ، فإنْ لَم يَكُنْ شَيءٌ مِنْ ذلك فالحالةُ حالةُ الإشكالِ، فيَتورَّعُ عنه حتى يَتبيَّنَ أنَّه لَم يُهْدِ لِأجْلِ الدَّينِ.

لكنْ قال ابنُ الهُمامِ : ويَجبُ أنْ تَكونَ هَديَّةُ المُستقرِضِ لِلمُقرِضِ كالهَديَّةِ لِلقاضي إنْ كان المُستقرِضُ له عادةٌ قبلَ استِقراضِه


(١) «الإجماع» رقم (٥٠٨)، و «الإشراف» (٦/ ١٤٢)، ويُنظر: «الإقناع» (٣/ ١٦٧٢) رقم (٣٢٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>