للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القِصاصُ في العِظامِ:

نَصَّ أكثَرُ أهلِ العِلمِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ -بل حُكِيَ فيهِ الإجماعُ- على أنَّه لا قِصاصَ في كَسرِ العَظمِ ما خَلا السِّنَّ، فإذا كسَرَ الجاني عظْمَ المَجنيِّ عليهِ - في أيِّ مَوضعٍ منهُ- فإنَّ القِصاصَ لا يَجبُ فلا يُكسرُ عَظمُ الجاني بعَظمِ المَجنيِّ عليهِ، وقد نقَلَ عددٌ مِنْ العُلماءِ الإجماعَ على هذا، وإنَّما فيهِ حُكومةٌ.

واستَدلَّ العُلماءُ على ذلكَ بما رواهُ ابنُ ماجَه عن نِمران بنِ جارِيةَ عن أبيه «أنَّ رَجلًا ضرَبَ رَجلًا على ساعِدِه بالسَّيفِ فقطَعَها مِنْ غَيرِ مَفصلٍ، فاستَعدَى عليهِ النبيَّ ، فأمَرَ له بالدِّيةِ، فقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ إني أريدُ القِصاصَ، فقالَ: خُذِ الدِّيةَ بارَكَ اللهُ لكَ فيها، ولم يَقْضِ له بالقِصاصِ» (١).

قالَ الإمامُ العَمرانِيُّ : كَسرُ العَظمِ لا يَثبتُ فيه القِصاصُ بإجماعِ الأُمةِ (٢).

وقالَ الإمامُ الطحَاويُّ : قالَ أبو حَنيفةَ وأصحابُه: لا قِصاصَ في عَظمٍ ما خَلا السنَّ.

وقالَ الليثُ والشافِعيُّ مثلَ ذلكَ ولم يَستَثنوا السنَّ.

وقالَ ابنُ القاسمِ عن مالكٍ: عِظامُ الجَسدِ كلُّها فيها القَودُ، إلا ما كانَ مَخوفًا مثلَ الفَخذِ وما أشبَهَه فلا قوَدَ فيه، وليسَ في الهاشِمةِ قَودٌ، وكذلكَ


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه ابن ماجه (٢٦٣٦).
(٢) «البيان» (١١/ ٣٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>