للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باقيةٌ، ولم يُوجَدَ منهم ما يُوجِبُ نقضَها، وحُكمُ أَموالِهم حُكمُ أموالِ المُسلِمينَ في حُرمتِها؛ لأنَّ ذِمتَهم باقيةٌ، ولمْ يُوجَدَ منهم ما يَنقضُها، وحُكمُ أَموالِهم حُكمُ أَموالِ المُسلِمينَ في حُرمتِها (١).

وقد تَقدَّمَ شَيئًا من ذلك في أولِ كِتابِ أَحكامِ أهلِ الذِّمةِ.

ثانيًا: حقُّ الإقامةِ والتَّنقُّلِ:

لأهلِ الذِّمةِ أنْ يُقيموا في دارِ الإسلامِ آمِنينَ مُطمئنِّينَ على أنفُسِهم وأَموالِهم، ما لم يَظهرْ منهم ما يَنتقِضُ به عَهدُهم؛ لأنَّهم إنَّما بذَلوا الجِزيةَ لتَكونَ أَموالُهم كأَموالِنا، ودِماؤُهم كدِمائِنا، والمُسلِمونَ على شُروطِهم.

لكنَّ الفُقهاءَ اتَّفقوا على عَدمِ جَوازِ إقامةِ الذِّميِّ واستيطانِه في مَكةَ والمَدينةِ، على خِلافٍ وتَفصيلٍ فيما سِواهما؛ لقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا﴾ [التوبة: ٢٨].

ولقَولِه : «لا يَجتمِعُ في أرضِ العَربِ دِينانِ» (٢)، ولقَولِه : «لأُخرِجنَّ اليَهودَ والنَّصارى من جَزيرةِ العَربِ حتى لا أدَعَ إلا مُسلمًا» (٣) (٤).


(١) «المغني» (١٢/ ٥٦٩).
(٢) أخرَجَه أبو عبيد في «الأموال» ص (١٢٨)، نشر دار الفكر، سنة ١٣٩٥ هـ.
(٣) رواه مسلم (١٧٦٧).
(٤) «ابن عابدين» (٣/ ٢٧٥)، و «جواهر الإكليل» (١/ ٢٦٧)، و «الماوردي» ص (١٦٧)، و «المغني» (١٢/ ٧٠٣)، و «أحكام أهل الذمة» (١/ ١٤١)، وما بعدَها.

<<  <  ج: ص:  >  >>