للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثلاثِ تطلِيقاتٍ، فتَزوَّجت بعدَه بعَبدِ الرَّحمنِ بنِ الزُّبيرِ، وإنه واللهِ ما معه إلا مِثلُ هذه الهُدْبةِ، وأخَذَتْ بهُدْبةٍ مِنْ جلبابِها، قالَتْ: فتَبسَّمَ رَسولُ اللهِ ضاحِكًا وقالَ: «لعلَّكِ تُريدينَ أنْ تَرجِعي إلى رِفاعةَ؟! لا حتَّى يَذوقَ عُسيلَتكِ وتَذوقي عُسيلتَه» متَّفقٌ عليهِ، وفي إجماعِ أهلِ العِلمِ على هذا غُنْيةٌ عن الإطالةِ فيهِ (١).

الشَّرطُ الثالِثُ: أنْ يكونَ الطَّلاقُ بغيرِ عِوضٍ:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّ الزوجَ إذا خالَعَ زَوجتَهُ فلا يَثبتُ لهُ الرَّجعةُ عليها، سواءٌ خالَعَها بلَفظِ الخُلعِ أو بلَفظِ الطلاقِ؛ لقَولهِ تعالَى: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ﴾ [البقرة: ٢٢٩]، والافتداءُ هو الخَلاصُ والاستِنقاذُ، مأخُوذٌ مِنْ افتِداءِ الأسيرِ وهوَ خَلاصُه واستِنقاذُه، فلو ثبَتَ الرَّجعةُ فيهِ لَمَا حصَلَ به الخَلاصُ والاستِنقاذُ، فدلَّ على أنَّ الافتداءَ يَمنعُ مِنْ ثُبوتِ الرجعةِ، ولأنَّ الزوجةَ ملَكَتْ بُضعَها بالخُلعِ كما ملَكَ الزوجُ بُضعَها بالنكاحِ، فلمَّا كانَ الزوجُ قَدْ ملَكَ بالنكاحِ بُضعَها مِلكًا تامًّا لا سُلطانَ فيهِ للزوجةِ وجَبَ أنْ تَملكَ الزوجةُ بُضعَها بالخُلعِ مِلكًا تامًّا لا سُلطانَ فيهِ للزوجِ، ولأنَّ الزوجَ قد ملَكَ عوَضَ الخُلعِ في مُقابلةِ مِلكِ الزوجةِ للبُضعِ، فلمَّا استَقرَّ مِلكُ الزوجِ للعِوضِ حتى لم يَبْقَ للزوجةِ فيه حقٌّ وجَبَ أنْ يَستقرَّ مِلكُ الزوجةِ للبُضعِ وأنْ لا يبقَى للزوجِ فيه حقٌّ.


(١) «المغني» (٧/ ٣٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>