بَيعَها وامتَنَعَ مِنْ بَيعِها إلَّا بسِعرِ البَلَدِ، ضاقَ على أهلِ البَلَدِ، وقد أشارَ النَّبيُّ إلى هذا المَعنَى (١).
هل النَّهيُ يَختَصُّ بالبَيعِ له، ويَجوزُ الشِّراءُ له، أو هو عامٌّ يَشمَلُ البَيعَ والشِّراءَ؟
اختلَف الفُقهاءُ، هل النَّهيُ يَختَصُّ بالبَيعِ له أو يَشمَلُ الشِّراءَ له أيضًا؟
فذهَب المالِكيَّةُ في المَشهورِ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ النَّهيَ يَختَصُّ بالبَيعِ له، أمَّا شِراؤُه له فيَصحُّ؛ لأنَّ النَّهيَ غيرُ مُتناوِلٍ لِلشِّراءِ بلَفظِه، ولا هو في مَعناه؛ فإنَّ النَّهيَ عن البَيعِ لِلرِّفقِ بأهلِ الحَضَرِ؛ لِيَتَّسِعَ عليهم السِّعرُ ويَزولَ عنهم الضَّرَرُ، وليسَ ذلك في الشِّراءِ لَهم؛ إذ لا يَتضَرَّرونَ؛ لعَدمِ الغَبنِ لِلبادي، بَلْ هو دَفعُ الضَّرَرِ عنهم، والخَلْقُ في نَظَرِ الشارِعِ على السَّواءِ؛ فكما شرَع ما يَدفَعُ الضَّرَرَ عن أهلِ الحَضَرِ، لا يَلزَمُ أنْ يَلزَمَ أهلَ البَدْوِ الضَّرَرُ.
وسُئلَ الإمامُ مالِكٌ: عن البَدَويِّ يَقدَمُ فيَسألُ الحاضِرَ عن السِّعرِ: أتُرَى أنْ يُخبِرَهُ؟ قالَ: يُكرَهُ ذلك، قيلَ: أفتَرَى أنْ يَشريَ له؟ قالَ: لا بَأْسَ بذلك، إنَّما يُكرَهُ أنْ يَبيعَ له؛ فأمَّا الِاشتِراءُ له فلا بَأْسَ.
وذهَب الشافِعيَّةُ وابنُ الماجِشونِ وابنُ حَبيبٍ مِنْ المالِكيَّةِ وحَكاه ابنُ عَبدِ البَرِّ رِوايةً عن مالِكٍ، وهو ما حَكاه ابنُ هانِئٌ عن الإمامِ أحمدَ أنَّه لا يَجوزُ الشِّراءُ له أيضًا؛ لأنَّ العَرَبَ تَقولُ: بِعتُ في مَعنَى اشتَرَيتُ، فكما لا يَصحُّ البَيعُ لَهم، لا يَصحُّ الشِّراءُ لَهم.