للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُفسِدةٍ، فصَحَّ، كما لو اتَّفَقا على شَرطٍ فاسِدٍ، ثم عُقِدَ البَيعُ بغيرِ شَرطٍ. ولأنَّ ما شَرَطاه في السِّرِّ لَم يَذكُراه في العَقدِ، وإنَّما عَقَدا عَقدًا صَحيحًا بشَرائِطِه، فلا يُؤثِّرُ فيه ما تَقدَّمَ مِنْ الشَّرطِ، كما إذا اتَّفَقا على أنْ يَشتَرِطا شَرطًا فاسِدًا عندَ البَيعِ، ثم باعا مِنْ غيرِ شَرطٍ (١).

أمَّا المالِكيَّةُ فلَم أقِفْ لهم على قَولٍ في بَيعِ التَّلجِئةِ، فلَم يُصَرِّحوا في كُتُبِهم به، وإنَّما ذَكَروا بَيعَ المُكرَهِ والمَضغوطِ وبَيعِ الهازِلِ، وقد سَبَقتِ الإشارةُ إلى ذلك، وكما سَيَأتي كَلامُهم في بَيعِ الهازِلِ، كما في المَسألةِ التَّاليةِ.

٤ - بَيعُ الهازِلِ:

الهَزلُ في اللُّغةِ: اللَّعِبُ.

والهازِلُ في البَيعِ: هو الذي يَتكلَّمُ بكَلامِ البَيعِ باختيارِه ورِضاه، لكنْ لا يَختارُ ثُبوتَ الحُكمِ، ولا يَرضاه، وهو ضِدُّ الجِدِّ، وهو أنْ يُرادَ بالشَّيءِ ما وُضِعَ له.

والفَرقُ بينَ بَيعِ التَّلجِئةِ وبَيعِ الهازِلِ: أنَّ بَيعَ التَّلجِئةِ -وإنْ كانَ الدَّافِعُ إليه في الأغلَبِ هو الإكراهَ- في حَقيقَتِه هو بَيعُ الهازِلِ؛ لأنَّ البائِعَ في بَيعِ التَّلجِئةِ تَلفَّظَ بصِيغةِ البَيعِ، وهو في الحَقيقةِ لا يُريدُ البَيعَ، ولِهَذا ذكَر


(١) «البدائع» (٧/ ٢٩، ٣١)، و «الاختيار» (٢/ ٢٥)، و «حاشية ابن عابدين» (٧/ ١٧٢، ١٧٤) «روضة الطالبين» (٣/ ٢٠)، و «المغني» (٥/ ٥٩٧)، و «الفروع» (٤/ ٣٦)، و «الإنصاف» (٤/ ٢٦٥)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ١٢٢)، و «كشاف القناع» (٣/ ١٧١)، و «منار السبيل» (٢/ ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>