قال الإمامُ النَّوويُّ ﵀: الدَّفنُ في الأَوقاتِ التي نُهيَ عن الصَّلاةِ فيها -إذا لَم يَتحرَّه- ليسَ بمَكروهٍ عندَنا، نَصَّ عليه الشافِعيُّ في بابِ القيامِ للجنازةِ، واتَّفقَ عليه الأَصحابُ.
ونقَلَ الشَّيخُ أبو حامِدٍ، والماوَرديُّ والشَّيخُ نَصرٌ المَقدسيُّ وغَيرُهم إِجماعَ العُلماءِ عليه.
وأجابَ الشَّيخُ أبو حامِدٍ والماوَرديُّ ونَصرٌ المَقدسيُّ وغَيرُهم على حَديثِ عُقبةَ بأنَّ الإِجماعَ دَلَّ على تَركِ ظاهِرِه في الدَّفنِ، وأجابَ القاضِي أبو الطَّيِّبِ والمُتولِّي وغيرُهما بأنَّ النَّهيَ عن تَحرِّي هذه الأَوقاتِ لِلدَّفنِ وقَصدِ ذلك، قالوا: وهذا مَكروهٌ، فأمَّا إذا لَم يَتحَرَّه فلا كَراهةَ (١).
سَترُ قَبرِ الميِّتِ بثَوبٍ عن أعيُنِ الناظِرينَ حتى يُدفَنَ:
اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّه إذا كانَ الميِّتُ امرأةً استُحِبَّ أنْ يُخمَّرَ قبْرُها بثَوبٍ؛ لأنَّ المَرأةَ عَورةٌ، ولا يُؤمَنُ أنْ يَبدوَ منها شَيءٌ، فيَراه الحاضِرونَ، ولأنَّ مَبنَى أمرِهِنَّ على السَّترِ.
أمَّا إذا كانَ الميِّتُ رَجلًا فقد ذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّه لا يُستحَبُّ، بل يُكرهُ سَتْرُ قبْرِه؛ لأنَّ كَشفَه أبعَدُ مِنْ التَّشبُّهِ بالنِّساءِ.
(١) «المجموع» (٦/ ٤٢٢)، و «شرح مسلم» (٦/ ١١٤)، و «روضة الطالبين» (٢/ ١٤٢)، و «الاختيار» (١/ ٤١)، و «البحر الرائق» (١/ ٢٦٢)، و «الفتاوى الكبري» (٤/ ٤٤٦)، و «مغني المحتاج» (١/ ٣٦٣)، و «كشاف القناع» (٢/ ١٢٨)، و «مواهب الجليل» (٢/ ٢٢٢).