للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ يُغسَّلُ مِنْ المَوتى ومَن لا يُغسَّلُ:

أ- تَغسيلُ الشَّهيدِ:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّ الشَّهيدَ المَقتولَ في المَعركةِ لا يُغسَّلُ؛ لِما رُويَ عن جَابِرٍ قالَ: كانَ النَّبيُّ يَجمَعُ بينَ الرَّجلَينِ مِنْ قَتلَى أُحدٍ في ثَوبٍ واحِدٍ، ثُم يَقولُ: «أَيُّهمْ أَكثَرُ أَخذًا للقُرآنِ؟» فإذا أُشيرَ له إلى أحدِهما قدَّمَه في اللَّحدِ، وقالَ: «أنا شَهِيدٌ على هَؤلاءِ يَومَ القِيامَةِ»، وأمَرَ بدَفنِهِم في دِمائهِمْ، ولَم يُغسَّلوا ولَم يُصلَّ عليهم (١).

تَعريفُ الشَّهيدِ الذي لا يُغسَّلُ:

عرَّف الحَنفيةُ الشَّهيدَ بأنَّه: مَنْ قتَلَه المُشرِكونَ أو وُجدَ في المَعركةِ وبه أثَرٌ، أو قتَلَه المُسلِمونَ ظُلمًا ولَم يَجبْ بقَتلِه دِيةٌ؛ فيُكفَّنُ ويُصلَّى عليه ولا يُغسَّلُ، ومَن قتَلَه أهلُ الحَربِ أو أهلُ البَغيِ؛ لأنَّ علِيًّا لَم يُغسِّلْ أَصحابَه الذين قُتِلوا بصِفِّينَ، أو قتَلَه قُطَّاعُ الطَّريقِ، فبأيِّ شَيءٍ قَتَلوه لَم يُغسَّلْ؛ لأنَّ شُهداءَ أُحدٍ ما كانَ كلُّهم قَتيلَ السَّيفِ والسَّلاحِ، وكذلك لو قُتلَ مُدافِعًا عن نَفسِه أو مالِه أو أهلِه أو واحِدٍ مِنْ المسلِمينَ أو أهلِ الذِّمةِ، فهو شَهيدٌ، سَواءٌ قُتلَ بسِلاحٍ أو غيرِه؛ لاستِجماعِ شَرائطِ الشَّهادةِ في حَقِّه، فالتحَقَ بشُهداءِ أُحدٍ (٢).


(١) أخرجه البخاري (١٢٧٨).
(٢) «بداية المبتدي» ص (٣٠)، و «الهداية شرح البداية» (١/ ٩٤)، و «الاختيار» (١/ ١٠٣)، و «بدائع الصنائع» (١/ ٣٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>