للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتَّهَجُّدِ. قال النَّوويُّ : الصَّحيحُ المَنصوصُ في «الأُمُّ» وَ «المُختَصَرُ» أنَّ الوِترَ يُسمَّى تَهجُّدًا، وفيه وَجهٌ أنَّه لا يُسمَّى تَهجُّدًا، بلِ الوِترُ غيرُ التَّهَجُّدِ (١)، قال الحافِظُ ابنُ رَجبٍ : وهذا هو الذي ذكرَه بَعضُ أصحابِنا -أي أنَّه لا يُسمَّى تَهجُّدًا- ويَنبَغي أن يَكونَ مَبنِيًّا على القولِ بأنَّ الوِترَ هو الرَّكعةُ المُنفرِدةُ وَحدَها، فأمَّا إن قُلنا: الوِترُ: الرَّكعةُ بما قبلَها، فالوِترُ هو التَّهجُّدُ وإن لم يَنوِ به الوِترَ (٢).

حكمُ صَلاةِ الوِترِ:

ذَهب جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ وأبو يُوسفَ ومحمدُ مِنْ الحَنفيَّةِ وأبو حَنيفةَ في رِوايةٍ إلى أنَّ الوِترَ سُنَّةٌ مُؤكَّدةٌ، وليس بواجِبٍ، ودَليلُ سُنِّيتِه قولُ النَّبيِّ : «إنَّ اللهَ وِترٌ يُحِبُّ الوِترَ؛ فَأَوتِرُوا يَا أَهلَ القُرآنِ» (٣)، ولأنَّ النَّبيَّ فعلَه وواظَبَ عليه.

واستدَلُّوا على عدمِ وُجوبِه بما رَواه مالِكٌ في المُوَطَّأِ وأبو داودَ وغيرُهما عن عَبد اللهِ بنِ مُحَيرِيزٍ أنَّ رَجلًا مِنْ بَني كِنانةَ يُدعَى المُخدَجيَّ: سمِع رَجلًا بالشَّامِ يُكَنَّى أبا محمدٍ، يَقولُ: «الوِترُ واجِبٌ». قال المُخدَجيُّ: فَرُحتُ إلى عُبادةَ بنِ الصَّامِتِ فاعتَرَضتُ له وهو رائِحٌ إلى المَسجدِ، فأخبَرتُه بالَّذي قال أبو مُحمدٍ، فقال عُبادةُ: كَذَبَ أبو مُحمدٍ، سَمِعتُ رَسولَ اللهِ يَقولُ: «خَمسُ صَلواتٍ كَتَبَهنَّ اللهُ تَعالَى


(١) «المجموع» (٥/ ٧٢)، و «روضة الطالبين» (١/ ٣٢٩).
(٢) «فتح الباري» لابن رَجَب (٦/ ٢٠٩).
(٣) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه التِّرمذيُّ (٤٥٣)، وأحمد (١/ ١٤٣، ١٤٤، ١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>