هلِ الفُرقةُ الحاصِلةُ بسَببِ اللِّعانِ فَسخٌ أم طَلاقٌ؟
اختَلفَ الفُقهاءُ في الفُرقةِ الحاصِلةِ بسَببِ اللعانِ، هل هي فَسخٌ أم طَلاقٌ؟ وثَمرةُ ذلكَ أنَّ مَنْ يقولُ أنها فَسخٌ تأبَّدَ تَحريمُها، ومَن يقولُ أنها طَلاقٌ لم يَتأبَّدْ تَحريمُها كما سَيأتي في المَسألةِ القادِمةِ.
فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ وأبو يُوسفَ وزُفرُ والحَسنُ بنُ زِيادٍ مِنْ الحَنفيةِ إلى أنَّ الفُرقةَ الحاصِلةَ بسَببِ اللعانِ فُرقةُ فَسخٍ؛ لأنها فُرقةٌ تُوجِبُ تَحريمًا مُؤبَّدًا، فكانَتْ فَسخًا كفُرقةِ الرَّضاعِ، واحتَجُّوا بقَولِ النبيِّ ﷺ:«المُتَلاعِنانِ لا يَجتمِعانِ أبدًا»، وهو نَصٌّ في البابِ، ولأنَّ اللعانَ ليسَ بصَريحٍ في الطَّلاقِ، ولو نَوى به الطلاقَ لم يكنْ طَلاقًا كسائرِ ما يَنفسخُ بهِ النكاحُ، ولأنه لو كانَ طَلاقًا لَوقَعَ بلِعانِ الزوجِ دونَ لِعانِ المرأةِ، ولو كانَ اللعانُ صَريحًا في الطلاقِ أو كِنايةً فيه لَوقَعَ بمُجرَّدِ لِعانِ الزوجِ ولم يَتوقَّفْ على لِعانِ المَرأةِ.
ولأنه لو كانَ طَلاقًا فهو طَلاقٌ مِنْ مَدخولٍ بها بغيرِ عِوضٍ لم يَنوِ به الثلاثَ، فكانَ يَكونُ رَجعيًّا.