للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: نَفقةُ الأولادِ:

ممَّا لا خِلافَ فيه بيْنَ فُقهاءِ الأمَّةِ أنه يَجبُ على الوالِدِ أنْ يُنفِقَ على أولادِه الصِّغارِ الذينَ لا مالَ لهُم، وقد استَدلَّ العُلماءُ على هذا بالكِتابِ والسُّنةِ والإجماعِ.

أما الكِتابُ: فقَولُه تعالَى: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ﴾ إلى قولِه: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٣٣]، أي: رِزقُ الوالِداتِ المُرضِعاتِ، فإنْ كانَ المُرادُ مِنْ الوالِداتِ المُرضعاتُ المُطلَّقاتُ المُنقضِياتُ العدَّةِ ففيها إيجابُ نَفقةِ الرَّضاعِ على المَولودِ له -وهو الأبُ- لأجْلِ الولدِ.

وقالَ تعالَى: ﴿فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ [الطلاق: ٦]، فأوجَبَ أجرةَ رَضاعِ الوَلدِ على الأبِ، فدَلَّ على أنَّ نَفقتَه تَجبُ عليه، ولأنَّ النَّفقةَ بعدَ الفِطامِ بمَنزلةِ مُؤنةِ الرَّضاعِ قبلَ ذلكَ، ولأنَّ الولدَ جُزءٌ مِنْ الأبِ، فتَكونُ نَفقتُه عليه كنَفقتِه على نَفسِه.

ولأنَّ الإنفاقَ عندَ الحاجَةِ مِنْ بابِ إحياءِ المُنفَقِ عليهِ، والولدُ جزءُ الوالدِ، وإحياءُ نَفسِه واجبٌ، كذا إحياءُ جُزئِه.

وقالَ تعالَى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ﴾ [الإسراء: ٣١]، فلَولا وُجوبُ النَّفقةِ عليهِ ما قتَلَه خَشيةَ الإملاقِ مِنْ النَّفقةِ (١).


(١) «المبسوط» (٥/ ٣٣٣)، و «بدائع الصنائع» (٤/ ٣٠، ٣١)، و «المعونة» (١/ ٦٣٩)، و «الحاوي الكبير» (١١/ ٤٧٧)، و «البيان» (١١/ ٢٤٥، ٢٤٦)، و «المغني» (٨/ ١٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>