للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ المالِكيَّةُ: الوَكيلُ بالشِّراءِ إذا خالَفَ ما وُكِّلَ فيه، بأنِ اشترَى بأكثَرَ ممَّا سمَّى له المُوكِّلُ خُيِّرَ المُوكِّلُ بينَ إمضاءِ فِعلِه أو رَدِّه، إلَّا أنْ يَلتزِمَ الوَكيلُ بالزَّائِدِ، فيَلزَمَ المُوكِّلَ (١).

وقالَ الشَّافِعيَّةُ: إذا قالَ له اشتَرِ بمِئةٍ فلا يَجوزُ له أنْ يَشترِيَ بأزيَدَ، فإنْ خالَفَ الوَكيلُ واشترَى بعَينِ مالِ المُوكِّلِ بأزيَدَ مِنْ المِئةِ فتَصرُّفُه باطِلٌ؛ لأنَّه زادَ على الثَّمنِ المَأذونِ فيه، فلَم يَلزَمِ المُوكِّلَ، كما لو وكَّله أنْ يَشترِيَ له عَبدًا وأطلَقَ، فاشترَى له بأكثَرَ مِنْ ثَمَنِ المِثلِ، ولأنَّه لو قالَ: بِعْ هذا العَبدَ بمِئةِ دِرهَمٍ، فباعَه بتِسعينَ دِرهَمًا لَم يَجُزْ أنْ يُقالَ: يَصحُّ البَيعُ بالتِّسعينَ، ويَلزَمُ الوَكيلَ العَشَرةُ؛ فإذا لَم يَصحَّ ذلك في البَيعِ لَم يَصحَّ ذلك في الشِّراءِ (٢).

الحالةُ الثَّانيةُ: أنْ يُخالِفَ الوَكيلَ فيَشترِيَ بأقَلَّ ممَّا حَدَّدَ له المُوكِّلُ:

ذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ والشَّافِعيَّةُ في المَذهبِ، والحَنابِلةُ إلى أنَّ الوَكيلَ إذا خالَفَ مُوكِّلَه لِلأحسَنِ، كما إذا قالَ له: اشتَرِ هذه السِّلعةَ بألْفٍ، فاشتَراها بأقَلَّ مِنْ الألْفِ صَحَّ البَيعُ، ولا خِيارَ لِمُوكِّلِه؛ لأنَّ هذا ممَّا يُرغَبُ فيه، وليسَ مُطلَقُ المُخالَفةِ يُوجِبُ خِيارًا، وإنَّما يُوجِبُه


(١) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٦٤، ٦٥)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٢٠٥)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٧٥)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٢٨٧، ٢٨٨).
(٢) «المهذب» (١/ ٣٥٠، ٣٥٢)، و «البيان» (٦/ ٤٣٨)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٥٠٩، ٥١٠)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٢٠٩، ٢١١)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٤٧، ٤٨)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٥٢، ٥٣)، و «كنز الراغبين» (٢/ ٨٦١)، و «الديباج» (٢/ ٣١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>