للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُكمُ الانتِفاعِ بالمَيْتةِ:

اختلَف الفُقهاءُ في حُكمِ الِانتِفاعِ بالمَيْتةِ على قَولَيْنِ:

القَولُ الأوَّلُ: وهو قَولُ جُمهورِ الفُقهاءِ، الحَنفيَّةِ والمالِكيَّةِ والحَنابِلةِ، قالوا: لا يَجوزُ الِانتِفاعُ بالمَيْتةِ بأيِّ نَوعٍ مِنْ أنواعِ الِانتِفاعِ.

قالَ أبو بَكرٍ الجَصَّاصُ : قالَ أصحابُنا: لا يَجوزُ الِانتِفاعُ بالمَيْتةِ على وَجْهٍ، ولا بطُعمِها لِلكِلابِ والجَوارِحِ؛ لأنَّ ذلك ضَرْبٌ مِنْ الِانتِفاعِ بها، وقد حرَّم اللَّهُ المَيْتةَ تَحريمًا مُطلَقًا مُعلَّقًا بعَينِها مُؤكِّدًا له حُكمُ الحَظرِ؛ فلا يَجوزُ الِانتِفاعُ بشَيءٍ مِنها إلَّا أنْ يُخَصَّ شَيءٌ مِنها بدَليلٍ يَجِبُ التَّسليمُ له (١).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : قالَ أحمدُ: لا أرَى أنْ يُطعِمَ كَلبَه المُعلَّمَ المَيْتةَ، ولا الطَّيرَ المُعلَّمَ؛ لأنَّه يُضْريهِ على المَيْتةِ، فإنْ أكلَ الكَلبُ فلا أرَى صاحِبَه حَرِجًا، ولَعَلَّ أحمدَ كَرِهَ أنْ يَكونَ الكَلبُ المُعلَّمُ إذا صادَ وقَتَلَ أكَلَ مِنه، لِتَضْريَتِه بإطعامِه المَيْتةَ (٢).

وأمَّا الإمامُ مالِكٌ فقالَ عنه القُرطُبيُّ: واختلَف العُلماءُ، هل يَجوزُ أنْ يُنتفَعَ بالمَيْتةِ أو بشَيءٍ مِنْ النَّجاساتِ، واختُلِفَ عن مالِكٍ في ذلك أيضًا،


(١) «أحكام القرآن» (١/ ١٣٢).
(٢) «المغني» (٩/ ٣٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>