مِنْ عاداتِهم؛ ولأنَّه مِنْ ضَروراتِ التِّجارةِ؛ لأنَّ التاجِرَ لا يُمكِنُه مُباشرةُ جَميعِ التَّصرُّفاتِ بنَفْسِه، فيَحتاجُ إلى التَّوكيلِ؛ فكان التَّوكيلُ مِنْ ضَروراتِ التِّجارةِ.
فإنْ أخرَج الشَّريكُ الآخَرُ الوَكيلَ يَخرجُ مِنَ الوَكالةِ إنْ كان في بَيعٍ أو شِراءٍ أو إجارةٍ؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ منهما لَمَّا ملَك التَّوكيلَ على صاحبِه ملَك العَزلَ عليه؛ ولأنَّ المُوكِّلَ وَكيلٌ لِشَريكِه؛ فإذا وَكَّل كان لِلمُوكِّلِ أنْ يَعزلَ وَكيلَه، وإنْ كان وَكيلًا في تَقاضي ما داينَه، فليس لِلآخَرِ إخراجُه؛ لأنَّه لا يَملِكُ أنْ يُوكِّلَ شَريكَه، فلا يَملِكُ أنْ يَعزلَ وَكيلَه عنه.
وذهَب الحَنابِلةُ في المَذهبِ -وهو مُقتَضى مَذهبِ الشافِعيَّةِ- إلى أنَّه لا يَجوزُ لِلشَّريكِ أنْ يُوكِّلَ في البَيعِ والشِّراءِ إذا لَم يَعجِزْ عنه، وهو القياسُ عندَ الحَنفيَّةِ؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ منهما وَكيلُ صاحبِه، وليس لِلوَكيلِ أنْ يُوكِّلَ غَيرَه، لأنَّ المُوكِّلَ -أي: شَريكَه- إنَّما رَضيَ برأيِه ولَم يَرضَ برأيِ غَيرِه (١).
٩ - الرَّهنُ والارتِهانُ:
اختلَف الفُقهاءُ هل يَجوزُ لِأحدِ الشَّريكَيْن أنْ يَرهَنَ بالدَّينِ الذي عليهما، أو بالدَّينِ الذي لَهما أو لا يَجوزُ؟
فذهَب الحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه يَجوزُ لِأحدِ الشَّريكَيْن عندَ الحاجةِ أنْ يَرهَنَ بالدَّينِ الذي عليهما، أو يَرهَنَ بالدَّينِ الذي لَهما، لأنَّ الرَّهنَ يُرادُ
(١) «بدائع الصانع» (٦/ ٦٩)، «الجوهرة النيرة» (٣/ ٤٣٢)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٨٣)، و «المغني» (٥/ ١٤)، و «المبدع» (٥/ ١١)، و «الإنصاف» (٥/ ٤١٧).