للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَدُّ الأموالِ التي أخَذَها المُحارِبونَ:

نَصَّ عامَّةُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ على أنَّ المُحارِبينَ إذا أخَذُوا مالًا وأُقيمَتْ فيهِم حُدودُ اللهِ تعالى وكانَتِ الأموالُ قائِمةً مَوجودةً رُدَّتْ إلى مالِكِها، ولصاحِبِه أنْ يأخُذَه أينَما وجَدَه، سَواءٌ وجَدَه في يَدِ المُحارِبِ أو في يَدِ مَنْ ملَّكَه المُحارِبُ ببَيعٍ أو هِبةٍ أو غيرِ ذلكَ.

واختَلفوا فيما لو كانَتْ تالِفةً أو مَعدومةً، هل يَجبُ ضَمانُها أم لا؟ وهو على الخِلافِ السابقِ في آخِرِ مَسألةٍ في كِتابِ السرقةِ.

فذهَبَ الشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنه يَجبُ ضَمانُها، ويَجبُ الضَّمانُ على الآخِذِ دُونَ الرِّدءِ؛ لأنَّ وُجودَ الضَّمانِ ليسَ بحَدٍ، فلا يَتعلَّقُ بغيرِ المُباشِرِ له كالغَصبِ والنَّهبِ، ولو تابَ المُحارِبونَ قبلَ القُدرةِ عليهم وتَعلَّقتْ بهم حُقوقُ الآدَميينَ مِنْ القِصاصِ والضَّمانِ لَاختَصَّ ذلكَ بالمُباشِرِ دونَ الرِّدءِ لذلكَ، ولو وجَبَ الضَّمانُ في السَّرقةِ لَتعلَّقَ بالمُباشِرِ دونَ الرِّدءِ (١).

وذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنه إذا تَغيَّرُ المالُ إلى الزِّيادةِ أو النُّقصانِ أو هلَكَتِ العَينُ أو استُهلِكتْ لا يَجبُ الضَّمانُ، لأنه لا يَجتمعُ الضَّمانُ والقَطعُ إذا هلَكَ المَسروقُ، وعن أبي حَنيفةَ أنه يَضمَنُ بالاستِهلاكِ (٢)، وقد تقدَّمَ قَولُ الحَنفيةِ مُفصَّلًا في كِتابِ السرقةِ.


(١) «الحاوي الكبير» (١٣/ ٣٤٢، ٣٤٣)، و «الإفصاح» (٢/ ٢٧٧، ٢٧٨)، و «المغني» (٩/ ١٣١، ١٣٢).
(٢) «بدائع الصنائع» (٧/ ٨٤، ٨٥، ٩٧)، و «شرح فتح القدير» (٥/ ٤١٣)، و «الاختيار» (٤/ ١٣٤)، و «الفتاوى الهندية» (٢/ ١٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>