للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أنَّ المالِكيةَ قالوا: إنْ خيفَ ضَررٌ بسَببِ نَزعِ العِمامةِ من على الرأسِ ولم يُمكنْه حَلُّها يَجوزُ المَسحُ عليها، وإنْ قدِرَ على مَسحِ بعضِ الرأسِ مُباشَرةً مسَحَه وأكمَلَ على العِمامةِ وُجوبًا على المُعتمَدِ (١).

وقالَ الحَنفيةُ -كما قالَ في البَحرِ الرائِقِ لابنِ نَجيمٍ (٢) -: ولو مسَحَت على خِمارِها ونفَذَت البَلةُ إلى رأسِها حتى ابتَلَّ قَدرُ الرُّبعِ منه يَجوزُ إذا كانَ الخِمارُ جَديدًا؛ لأنَّ ثُقوبَ الجَديدِ لم تُسدَّ بالاستِعمالِ فتَنفذُ البَلةُ، أمَّا إذا لم يَكنْ جَديدًا فلا يَجوزُ لانسِدادِ ثُقوبِه.

الفَرضُ الرابِعُ غَسلُ الرِّجلَينِ:

اتَّفَق فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ على أنَّ غَسلَ الرِّجلَينِ الظاهِرتَينِ السَّليمَتينِ غيرِ المَستورتَينِ بخُفٍّ أو جَبيرةٍ إلى الكَعبَينِ مَرةً واحِدةً من أَركانِ الوُضوءِ؛ لقَولِه تَعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ [المائدة: ٦] أخْذًا بقِراءةِ النَّصبِ بمَعنى: اغسِلوا وُجوهَكم وأَيديَكم وأَرجُلَكم وامسَحوا برُؤوسِكم دونَ الخَفضِ، وهاتانِ القِراءَتانِ قد نزَلَ بهما القُرآنُ جَميعًا ونقَلَتهما الأُمةُ تَلقِّيًا من رَسولِ اللهِ ولا يَختلفُ أهلُ اللُّغةِ أنَّ كلَّ واحِدةٍ من القِراءَتَين


(١) «المغني» (١/ ٣٨٥، ٣٨٧)، و «الإنصاف» (١/ ١٨٥)، و «التحقيق» لابن الجوزي (١/ ١٢١)، و «الفتاوى الكبرى» (١/ ٥٤).
(٢) (١/ ١٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>