للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الحَنابلةُ في المَذهبِ: لو زالَتِ الكَفاءةُ بعدَ العَقدِ فللزَّوجةِ الفَسخُ فقطْ دُونَ أوليائِها كعِتقِها تحتَ عَبدٍ، ولأنَّ حَقَّ الأولياءِ في ابتداءِ العَقدِ لا في استدامتِه.

قيلَ للإمامِ أحمدَ فِيمَن يَشربُ الخَمرَ: يُفرَّقُ بينَهُما؟ قالَ: استَغفرُ اللهَ، فالمُعتبَرُ على هذهِ الرِّوايةِ وُجودُها حالَ العَقدِ لا بعدَه (١).

الحقُّ فِي الكَفاءةِ للمرأةِ وللأولياءِ:

نَصَّ عامَّةُ الفُقهاءِ على أنَّ الكَفاءةَ حَقٌّ للزَّوجةِ وللأولياءِ معًا، حتَّى وإنْ رَضيَتِ الزوجةُ بغَيرِ الكُفءِ جازَ للأولياءِ الاعتِراضُ ورَدُّ النكاحِ.

قالَ الحَنفيةُ: الكَفاءةُ حَقٌّ للأولياءِ وللمَرأةِ، فإذا زوَّجَتِ المرأةُ نفْسَها مِنْ غيرِ كُفءٍ فلِلأولياءِ أنْ يُفرِّقُوا بينَهُما دَفعًا للعارِ عَنْ أنفُسِهم؛ لأنَّ الحَقَّ الثَّابتَ لها غيرُ الحَقِّ الثابتِ لِلأولياءِ؛ لأنَّ الثابتَ لها صِيانةُ نَفسِها عَنْ ذُلِّ الاستِفراشِ، ولِلأولياءِ صِيانةُ نَسبِهم عن أنْ يُنسَبَ إليهم بالمُصاهَرةِ مَنْ لا يُكافِئُهم، وأحَدُهما غيرُ الآخَرِ، فلمْ يَكنْ إسقاطُ أحدِهِما مُوجِبًا سُقوطَ الآخَرِ، ألَا تَرى أنه قدْ يَثبتُ الخيارُ لها في مَوضعٍ لا يَثبتُ لِلأولياءِ.

وسواءٌ كانَ الوَليُّ ذا رَحمٍ مُحرَّمٍ أو لا كابنِ العمِّ، ولا تكونُ هذه الفُرقةُ إلَّا عندَ الحاكمِ.


(١) «كشاف القناع» (٥/ ٧٢، ٧٣)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ١٥١)، و «مطالب أولي النهى» (٥/ ٨٤)، و «منار السبيل» (٢/ ٥٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>