للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب- الصَّلاةُ على مَنْ قتَلَ نَفسَه والغالِّ:

اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ قاتِلَ نَفسِه والغالَّ يُصلِّي عليهما المُسلِمونَ عدا إمامِهم؛ لأنَّه ميِّتٌ مِنْ أهلِ الإِسلامِ ماتَ في غيرِ مُعتَركٍ، كمَن ماتَ حَتفَ أنْفِه، ولأنَّ أَحدًا لا تَتأتَّى له مَحضُ الطاعاتِ، ولا يَخلُصُ مِنْ المَعاصي، فلو مَنَعنا الصَّلاةَ على مُرتكِبِ الكَبيرةِ أو مُقتَرفِ مَعصيةٍ لَأدَّى ذلك إلى ألَّا يُصلَّى على أكثَرِ الناسِ مِنْ المسلِمينَ، ولأنَّ الصَّلاةَ على الميِّتِ إنَّما هي دُعاءٌ، وطَلبُ الرَّحمةِ والمَغفرةِ، وما أحوَجَ أهلَ المِلَّةِ إلى الدُّعاءِ والاستِغفارِ لهذا الميِّتِ.

ثم اختلَفوا هل يُصلِّي الإمامُ على هذَيْن؟

فقال أبو حَنيفةَ والشافِعيُّ: يُصلِّي عليهما أيضًا.

وقالَ مالِكٌ: مَنْ قتَلَ نَفسَه، أو قُتلَ في حَدٍّ، فإنَّ الإمامَ لا يُصلِّي عليه؛ لِما رَواه مُسلمٌ عن جابِرِ بنِ سمُرةَ: «أُتيَ النَّبيُّ برَجلٍ قتَلَ نَفسَه بِمَشاقصَ فلَم يُصلِّ عليه» (١).

ولِما رَوى أبو بَرزَةَ الأَسلَميُّ «أنَّ رَسولَ اللَّهِ لَم يُصلِّ على مَاعِزِ بنِ مَالِكٍ، ولَم يَنْه عنِ الصَّلاةِ عليه» (٢)، ولأنَّ في امتِناعِ الإمامِ مِنْ


(١) رواه مسلم (٩٧٨).
(٢) رواه أبو داود (٣١٨٦)، والبيهقي في «الكبرى» (٤/ ١٩)، وقال الألباني في «صحيح أبي داود» (٢٧٢٨): حسنٌ صحيحٌ، وأخرجَه البخاريُّ ومسلمٌ دونَ قوله: «ولم يَنهَ عن الصلاةِ عليه».

<<  <  ج: ص:  >  >>