للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا ضَمانَ على وَديعٍ بنِيةِ تَعدٍّ في الوَديعةِ، بل لا بدَّ مِنْ قَولٍ أو فِعلٍ لأنَّه لمْ يَخنْ فيها بقَولٍ ولا فِعلٍ فلمْ يَضمنْها كالذي لمْ يَنوِ.

ولو أخرَجَها بنيَّةِ الاستِعمالِ ولمْ يَستعملْها ضمِنَها؛ لأنَّه تعَدَّى بإِخراجِها أشبَهَ ما لو استَعملَها (١).

الحالَةُ الثانيَةُ: أنْ يَأذنَ له المالِكُ في استِعمالِها:

أجمَعَ أهلُ العلِمِ على أنَّ المُودِعَ إذا أذِنَ للمُودَعِ في استِعمالِ الوَديعةِ جازَ له استِعمالُها.

قالَ الإِمامُ ابنُ المُنذرِ : وأجمَعُوا على إِباحةِ استِعمالِها بإِذنِ مالِكِها (٢).

إلا أنَّ الفُقهاءَ اختلَفُوا، هل تَفسدُ الوَديعةُ بذلك وتَنقلبُ عارِيةً أم تَظلُّ وَديعةً كما هي ولا ضَمانَ عليه إن تلِفَت بالاستِعمالِ المَأذونِ فيه؟

فذهَبَ الشافِعيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّها تَفسدُ وتَنقلبُ عارِيةً، فإنْ تلِفَت قبلَ الاستِعمالِ لمْ يَضمنْها، وإنْ تلِفَت بعدَه ضمِنَها، وذلك لأنَّ العارِيةَ عندَهم مَضمونةٌ.

قالَ الشافِعيةُ: المُودِعُ إذا أذِنَ للمُودَعِ في استِعمالِ الوَديعةِ فاستَعملَها فهو إِيداعٌ فاسِدٌ؛ لأنَّه شَرطٌ فيه ما يُنافي مُقتضى العَقدِ، فلو أودَعَه بَهيمةً


(١) «المغني» (٦/ ٣٠٨)، و «كشاف القناع» (٤/ ٢١٤)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٢٤٣، ٢٤٥)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ١٦٠)، و «منار السبيل» (٢/ ٢٨٠).
(٢) «الإجماع» (٥٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>