للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - المَبيتُ عندَ زَوجَتِه:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الرَّجلِ إذا كانَ مُتزوِّجًا مِنْ امرأةٍ واحدةٍ، هل يَجبُ عليهِ أنْ يَبِيتَ عندَها أم لا يَجبُ؟ وما هو مِقدارُ المَبيتِ؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ في الصَّحيحِ والمالِكيةُ في المَذهبِ والشَّافعيةُ وأحمَدُ في رِوايةٍ إلى أنَّهُ لا يَجبُ عليهِ أنْ يَبِيتَ عندَها، بلْ يُستحبَّ أنْ يَبيتَ عندَها ويَصطحِبَها بالمَعروفِ ويُحصِنَها؛ لأنهُ مِنْ المُعاشَرةِ بالمَعروفِ، ولأنَّ ترْكَه قد يُؤدِّي إلى الفُجورِ، والأفضلُ أنْ لا يُخلِّيَها كلَّ أربَعِ ليالٍ عن ليلةٍ؛ اعتِبارًا بمَن له أربَعُ زَوجاتٍ.

قالَ الحَنفيةُ: الرَّجلُ إذا لمْ يَكنْ لهُ إلَّا امرأةٌ واحدةٌ فتَشاغلَ عنها بالعِبادةِ أو السَّرارِي فظاهِرُ المَذهبِ أنْ لا يَتعيَّنَ مِقدارٌ؛ لأنَّ القَسْمَ معنًى نِسبيٌّ وإيجابُه طَلبُ إيجادِه، وهو يَتوقَّفُ على وُجودِ المُنتسبينَ، فلا يُطلَبُ قبْلَ تَصوُّرِه، بل يُؤمَرُ استِحبابًا أنْ يَبيتَ معها ويَصحَبَها أحيانًا مِنْ غَيرِ تَوقيتٍ.

واختارَ الطَّحاويُّ رِوايةَ الحَسنِ عن أبي حَنيفةَ أنَّ لها يَومًا وليلةً مِنْ كلِّ أربَعِ ليالٍ وباقيها له؛ لأنَّ لهُ أنْ يُسقِطَ حقَّها في الثَّلاثِ بتَزوُّجِ ثلاثِ حَرائِرَ، فإنْ كانَتِ الزَّوجةُ أمَةً فلها يَومٌ ولَيلةٌ في كُلِّ سَبعٍ.

وما رَواهُ الحسَنَ هو قولُ الإمامِ أوَّلًا ثمَّ رجَعَ عنهُ وقالَ: ليسَ بشيءٍ؛ لأنهُ لو تَزوَّجَ أربَعًا فطالَبْنَه بالواجِبِ يَكونُ لكلِّ واحِدةٍ ليلةٌ مِنْ الأربَعِ، فلو جَعلْنا هذا حقًّا لِكلِّ واحِدةٍ لَكانَ لا يَتفرَّغُ لأفعالِه.

<<  <  ج: ص:  >  >>