للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَسألةُ الثَّانيةُ: إجارةُ دارٍ لِمَنْ يَبيعُ فيها خَمرًا أو شَيئًا مُحرَّمًا:

اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّه لا يَجوزُ لِلمُسلِمِ أنْ يُؤجِّرَ دارَه أو يَبيعَها لِلمُسلِمِ إذا كانَ يَستَخدِمُها لِبَيعِ الخُمورِ وشُربِها ولَعِبِ القِمارِ؛ لأنَّه إعانةٌ على المَعصيةِ، وقد قالَ اللهُ تَعَالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: ٢].

ثم اختَلفوا فيما إذا أجَّرَها أو باعَها لِكافِرٍ يَبيعُ فيها خَمرًا، أو يَلعَبُ فيها القِمارَ.

فذَهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ، المالِكيَّةُ والشَّافعيَّةُ والحَنابِلةُ والصَّاحِبانِ مِنْ الحَنفيَّةِ إلى أنَّه لا يَجُوزُ لِلإنسانِ أنْ يَبيعَ أو يُؤجِّرَ دارَه لِمَنْ يَبيعُ فيها خَمرًا، أو يَلعَبُ فيها القِمارَ؛ لأنَّه فِعلٌ مُحرَّمٌ، فلَم تَجُزِ الإجارةُ عليه، كإجارةِ عَبدِه لِلفُجورِ، ولأنَّه إعانةُ على المَعصيةِ، وقد قالَ اللهُ تَعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: ٢].

وقالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ : فأمَّا إنْ آجَرَهُ إيَّاها (أو باعَها) لِأجْلِ بَيعِ الخَمرِ واتِّخاذِها كَنيسةً أو بَيْعةً، لَم يَجُزْ قَولًا واحِدًا، وبه قالَ الشافِعيُّ وغَيرُه، كما لا يَجوزُ أنْ يُكرِيَ أَمَتَهُ أو عبدَه لِلفُجورِ (١).

قالَ المالِكيَّةُ: لا تُؤجَّرُ دارٌ أو تُباعُ لِتُتَّخَذَ مَجمعًا لِفُسَّاقٍ، أو خَمَّارةً، ويُرَدُّ العَقدُ إنْ وَقَعَ؛ فإنْ فاتَ باستِيفاءِ المَنفَعةِ أو بَعضِها فالمَشهورُ أنَّه


(١) «اقتضاء الصراط المستقيم» (١/ ٢٣٦)، و «الفتاوى الكبرى» (٤/ ٤٩٤)، و «أحكام أهل الذمة» (١/ ٢١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>