للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفِرارُ من الزَّكاةِ وهل يَضمَنُها مَنْ فَرَّ منها أو لا؟

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ الاحتيالِ لِإسقاطِ الزَّكاةِ والفِرارِ منها، كمَن كانَت عندَه ماشيةٌ فباعَها قبلَ الحَولِ بدَراهمَ فِرارًا من الزَّكاةِ، أو أَبدلَ النِّصابَ من غيرِ جِنسِه لِيَقطعَ الحَولَ ويَستأنِفَ حَولًا آخَرَ، أو أتلَفَ جُزءًا من النِّصابِ لتَسقُطَ عنه الزَّكاةُ، أو وهَبَ مالَه عندَ رأسِ الحَولِ فِرارًا من الزَّكاةِ، أو تَصدَّقَ بدِرهَمٍ قبلَ الحَولِ لكَي يُنقِصَ النِّصابَ هل يَجوزُ ذلك وتَسقُطُ عنه الزَّكاةُ أو لا يَجوزُ له فِعلُ ذلك وتَجِبُ عليه الزَّكاةُ ولا تَسقُطُ؟ على قَولَينِ:

القَولُ الأولُ: ذهَبَ المالِكيةُ (١) والحَنابِلةُ في المَذهبِ والأَوزاعيُّ وإِسحاقُ وأبو عُبيدٍ (٢) والبُخاريُّ (٣) والدَّارِميُّ والمَسعوديُّ وصاحِبُ الإبانةِ


(١) «شرح صحيح البخاري» (٨/ ٣١٤)، و «التاج والإكليل» (١/ ٥٠٥، ٥٠٦)، و «شرح مختصر خليل» (٢/ ١٥٤)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي»، (٢/ ١٤)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٣/ ٩٠).
(٢) «المغني» (٢٨٥، دار الفكر)، و «شرح الزركشي» (١/ ٣٧٦).
(٣) «صحيح البخاري» (٦/ ٢٥٥١)، وقالَ الحافِظُ ابنُ حَجرٍ في «فتح الباري» (١٢/ ٣٤٧): قَولُه -أي: البخاريِّ-: «وقال بَعضُ الناسِ في عِشرين ومِئةِ بَعيرٍ حِقَّتان فإنْ أهلَكها مُتعمِّدًا أو وهَبها أو احتال فيها فِرارًا من الزَّكاة فلا شَيءَ عليه»، قال ابنُ بَطَّالٍ: أجمَع العُلماءُ على أنَّ لِلمَرءِ قبلَ الحَولِ التَّصرُّفَ في مالِه بالبَيعِ والهِبةِ والذَّبحِ، وإذا لم يَنوِ الفِرارَ من الصَّدقةِ؛ وأجمَعوا على أنَّه إذا حال الحَولُ لا يَحِلُّ التَّحيُّلُ بأنْ يُفرِّقَ بينَ مُجتمِعٍ أو يَجمَعَ بينَ مُتفرِّقٍ، ثم اختلَفوا، فقال مالِكٌ: مَنْ فوَّت من مالِه شَيئًا يَنوي به الفِرارَ من الزَّكاة قبلَ الحَولِ بشَهرٍ أو نَحوِه لَزمتْه الزَّكاةُ عندَ الحَولِ لِقَولِه : «خَشيةَ الصَّدقةِ» وقال أبو حَنيفةَ: إنْ نَوى بتَفويتِه الفِرارَ من الزَّكاةِ قبلَ =

<<  <  ج: ص:  >  >>