للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقامَ عليهِم سائِلٌ، فأرادَتْ عائِشةُ أنْ تُعطيَه، فقالَ لها النبيُّ : أتُعطينَه ما لا تَأكُلينَ؟!» (١).

ففِي حَديثِ عائِشةَ يبينُ أنَّ امتِناعَ رَسولِ اللهِ عن أكلِه لحُرمتِه، لا لأنه كانَ يَعافُه، ألَا ترَى أنه نَهاها عن التصدُّقِ به، ولو لم يَكنْ كَراهيةُ الأكلِ للحُرمةِ لَأمرَها بالتَّصدقِ به كما أمَرَها به في شاةِ الأنصارِيِّ بقَولِه: «أَطعِمُوها الأسارَى».

والحَديثُ الذي فيه دَليلُ الإباحةِ مَحمولٌ على أنهُ كانَ قبلَ ثُبوتِ الحُرمةِ.

ثمَّ الأصلُّ أنه متَى تَعارَضَ الدَّليلانِ أحَدُهما يُوجِبُ الحَظرَ والآخَرُ يُوجبُ الإباحةَ يغلبُ المُوجِبُ للحَظرِ (٢).

أكلُ الكَلبِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ أكلِ الكَلبِ، هل هو جائزٌ أم لا؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى حُرمةِ أكلِ الكَلبِ؛ لأنه ذو نابٍ مِنْ السِّباعِ، وهو داخِلٌ في الأحاديثِ التي نهَى فيها عن


(١) رواه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (٢٤٣٤٥) بإسناد ضعيف قال: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: أُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ضَبٌّ فَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا أُطْعِمُهُ السُّؤَالَ؟ قَالَ: «لَا تُطْعِمِي السُّؤَالَ مَا لَا تَأْكُلِينَ مِنْهُ».
(٢) «أحكام القرآن» (٤/ ١٨٩)، و «المبسوط» (١١/ ٣٢١)، و «بدائع الصنائع» (٥/ ٣٧)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٤٦٨)، و «اللباب» (٢/ ٣٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>