للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه وَجهانِ: أصَحُّهما: لا يُحجَرُ عليه؛ لأنَّ الحَجْرَ يُفيدُ جَمْعَ المالِ وإمساكَه، لا إنفاقَه، وليس كلُّ مَنهيٍّ عنه يُوجِبُ الحَجْرَ.

وقال أبو العَبَّاسِ بنُ سُرَيجٍ وأبو سَعيدٍ الإصْطَخْريُّ -وهو قَولُ الحَنابِلةِ- (١): يُحجَرُ عليه بالشُّحِّ والتَّقصيرِ، كما يُوجَبُ بالسَّرَفِ والتَّبذيرِ؛ لأنَّ اللهَ قد نَهى عنهما، فقال: ﴿وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ﴾ [الإسراء: ٢٩].

فعلى هذا لَم يَمنَعْ مِنْ عُقودِه ولا كَفَّهُ عن التَّصرُّفِ في مالِه، ولكنْ يُنْفِقُ عليه جَبرًا بالمَعروفِ مِنْ مالِه، إلا أنْ يَخافَ عليه إخفاءَ مالِه؛ لِعِظَمِ شُحِّه، فيُمنَعُ مِنَ التَّصرُّفِ فيه (٢).

٧ - الحَجْرُ على الشَّيخِ الكَبيرِ:

نَصَّ الحَنابِلةُ على أنَّ الشَّيخَ الكَبيرَ الذي اختَلَّ عَقلُه يُحجَرُ عليه، يَعني: إذا كَبِرَ واختَلَّ عَقلُه حُجِرَ عليه، بمَنزِلةِ المَجنونِ؛ لأنَّه يَعجِزُ بذلك عن التَّصرُّفِ في مالِه على وَجهِ المَصلَحةِ وعن حِفظِه، فأشبَهَ الصَّبيَّ والسَّفيهَ (٣).


(١) «كشاف القناع» (٣/ ٤٨٧) قالَ: ويُحجَرُ على المُقتِرِ على نَفسِه وعِيَالهِ.
(٢) «الحاوي الكبير» (٦/ ٣٥٨)، و «البيان» (٦/ ٢٣٢)، و «الشرح الكبير» (٥/ ٧٦)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٣٨٦)، و «النجم الوهاج» (٤/ ٤٠٦).
(٣) «المغني» (٤/ ٣٠٣)، و «المبدع» (٤/ ٣٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>