للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذا تَفصيلٌ، وهو أنَّه إنْ ترَكَه لعَدمِ الدَّاعي إليهِ وعَدمِ الانتشارِ فهوَ مَعذورٌ، وإنْ تَركُه معَ الدَّاعي إليهِ ولكنَّ داعيهِ إلى الضَّرَّةِ أقوَى فهذا ممَّا يَدخلُ تحتَ قُدرتِه ومِلكِه، فإنْ أدَّى الواجِبَ عليهِ منهُ لم يَبقَ لها حقٌّ ولم يَلزمْهُ التَّسويةُ، وإنْ ترَكَ الواجِبَ منهُ فلها المُطالَبةُ به (١).

وقالَ الإمامُ النَّوويُّ : وأمَّا مَحبَّةُ القَلبِ فكانَ يُحبُّ عائِشةَ أكثرَ مِنهنَّ، وأجمَعَ المُسلمونَ على أنَّ مَحبَّتَهنَّ لا تَكليفَ فيها، ولا يَلزمُه التَّسويةُ فيهَا؛ لأنهُ لا قُدرةَ لأحَدٍ عليها إلَّا اللهُ ، وإنَّما يُؤمَرُ بالعَدلِ في الأفعالِ (٢).

ثالِثًا: العَدلُ في النَّفقةِ:

اختَلفَ الفقهاءُ في الرَّجلِ إذا كانَ مُتزوِّجًا أكثرَ مِنْ امرأةٍ، هل يَجبُ عليهِ أنْ يُسوِّي ويَعدلَ بَينَهنَّ في النَّفقةِ والكُسوةِ؟ أم لا يَجبُ عليهِ وإنَّما لِكلِّ واحدةٍ مِنهنَّ ما يَليقُ بها ويَجوزُ أنْ يُوسعَ على مَنْ شاءَ مِنهنَّ زيادةً على ما يَليقُ بِمِثلِها؟

فذهَبَ الحَنفيةُ في قَولٍ -وهو ما اختارَهُ الكاسانِيُّ وشَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ- إلى أنهُ يَجبُ على الزَّوجِ أنْ يُسوِّي بينَ نِسائِه في النَّفقةِ والكُسوَةِ.

قالَ الإمامُ الكاسانِيُّ : الرَّجلُ إذا كانَ لهُ أكثرُ مِنْ امرَأةٍ واحِدةٍ فعليهِ العدلُ بَينَهنَّ في حُقوقِهنَّ مِنْ القَسْمِ والنَّفقةِ والكُسوةِ، وهو التَّسويةُ


(١) «زاد المعاد» (٥/ ١٥١).
(٢) «شرح صحيح مسلم» (١٥/ ٢٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>