للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَعيدٍ أنَّ رَجلًا دخلَ المَسجدَ وقد صلَّى رَسولُ اللهِ بِأصحَابِه، فقالَ رَسولُ اللهِ : «مَنْ يَتصدَّقُ على هذا فيُصلِّيَ معه»، فَقامَ رَجلٌ مِنْ القَومِ فَصلَّى معه (١)، ولِأَنَّه قادِرٌ على الجَماعةِ فاستُحِبَّ له فِعلُها كما لو كانَ المَسجدُ في مَمرِّ النَّاسِ، وهذا في غيرِ المَساجِدِ الثَّلاثَةِ.

فأمَّا إعادةُ الجَماعةِ في المَساجِدِ الثَّلاثَةِ فقد رُويَ عن أحمدَ كَراهةُ إعادةِ الجَماعةِ فيها؛ لئلَّا يَتوانَى النَّاسُ في حُضورِ الجَماعةِ مع الإمامِ الرَّاتبِ فيها إذا أمكَنَتهم الصَّلاةُ في الجَماعةِ مع غيرِه.

قال ابنُ قُدامةَ : وظاهرُ خَبرِ أبي سَعيدٍ وأبي أُمامةَ -أي: الحَديثِ المُتقدِّمِ- أنَّ ذلك لا يُكرَه؛ لأنَّ الظاهِرَ: أنَّ هذا كان في مَسجدِ النَّبيِّ ، والمَعنى يَقتَضيه أيضًا؛ فإنَّ فَضيلةَ الجَماعةِ تَحصُلُ فيها كحُصولِها في غيرِها (٢).

إقامةُ جَماعتَينِ في مَسجدٍ في وَقتٍ واحدٍ:

ذَهب الفُقهاءُ إلى أَنَّه إذا كانَ لِلمَسجدِ إمامٌ راتِبٌ فأقامَ لِلصَّلاةِ، فلا يَجوزُ لِإمامٍ آخرَ أن يُقيمَ مَعه ويُصلِّيَ بآخَرينَ في الوقتِ نَفسِه، فقد نقلَ الحطَّابُ عن الإمامِ أبي القاسِمِ بنِ عَبد الرَّحمنِ بنِ الحُسَينِ بنِ عَبد اللَّهِ بنِ الحُبابِ أَنَّه قالَ بعدَ أن ذكرَ كَلامًا: وأمَّا حُضورُ جَماعتَينِ أو أكثرَ في مَسجدٍ


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: سَبَقَ تخريجه.
(٢) «المغني» (٢/ ٣٨٢)، و «فتح الباري» لابن رجب (٤/ ٢٤، ٢٦)، و «كشاف القناع» (١/ ٤٥٧)، و «مطالب أولي النُّهى» (١/ ٦١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>