للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الشافعيُّ: له لِعانُها لنَفيِ النَّسبِ فيها كلِّها؛ لأنها لو كانَتْ عَفيفةً صالِحةً فكذَّبَتْه ملَكَ نفْيَ ولَدِها، فإذا كانَتْ فاجِرةً فصدَّقَتْه فلَأنْ يَملكَ نفيَ ولَدِها أَولى.

ووَجهُ الأولِ أنَّ نفيَ الوَلدِ إنَّما يَكونُ بلِعانِهما معًا، وقد تَعذَّرَ اللعانُ مِنهُما، ولأنها لا تُستحلَفُ على نَفيِ ما تُقِرُّ بهِ، فتَعذَّرَ نفيُ الوَلدِ لتَعذُّرِ سَببِه، كما لو ماتَ بعدَ القَذفِ وقبلَ اللِّعانِ (١).

الشَّرطُ الثَّاني (الخاصُّ بالزَّوجةِ): أنْ تَكونَ عَفيفةً:

نَصَّ الحَنفيةُ -وهو مُقتضَى كلامِ الفُقهاءِ كما سَيأتي في حَدِّ القَذفِ- على أنه يُشترطُ لصِحةِ اللِّعانِ عفَّةُ الزوجةِ عن الزِّنا، فإنْ لم تَكنْ عَفيفةً لا يَجبُ اللِّعانُ بقَذفِها، كما لا يَجبُ الحَدُّ في قَذفِ الأجنَبيةِ إذا لم تَكنْ عَفيفةً؛ لأنه إذا لم تَكنْ عَفيفةً فقدْ صَدَّقتْه بفِعلِها، فصارَ كما لو صدَّقَتْه بقَولِها.

قالَ الكاسانِيُّ : وعلى هذا قالوا في المَرأةِ إذا وُطِئتْ بشُبهةٍ ثمَّ قذَفَها زَوجُها أنه لا يَجبُ عليه اللعانُ، ولو قذَفَها أجنَبيٌّ لا يَجبُ عليه الحَدُّ؛ لأنها وُطِئتْ وَطئًا حَرامًا فذهَبَتْ عِفَّتُها، ثمَّ رجَعَ أبو يُوسفَ وقالَ: يَجبُ بقَذفِها الحَدُّ واللِّعانُ؛ لأنَّ هذا وَطءٌ يَتعلَّقُ به ثُبوتُ النَّسبِ ووُجوبُ المَهرِ، فكانَ كالمَوجودِ في النكاحِ، فلا يُزيلُ العفَّةَ عنِ الزنا.


(١) «المغني» (٨/ ٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>