للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإغماءُ والجُنونُ والسُّكْرُ بعدَ النيَّةِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما إذا نَوى الصِّيامَ من اللَّيلِ، ثم طرَأ عليه إغماءٌ أو جُنونٌ أو سُكرٌ قبلَ طُلوعِ الفَجرِ:

فإنْ أفاق في أيِّ جُزءٍ من النَّهارِ وكان قد نَوى من اللَّيلِ ثم أُغمي عليه باقيَه فقد ذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ إلى أنَّ صَومَه صَحيحٌ.

قال الوَزيرُ ابنُ هُبَيرةَ : واتَّفَقوا على أنَّ من وُجِدت منه إفاقةٌ في بَعضِ النَّهارِ، ثم أُغميَ عليه باقيَه صَومُه صَحيحٌ (١).

إلا أنَّ المالِكيَّةَ قالوا: المُغمَى عليه إمَّا أنْ يُغمَى عليه قبلَ الفَجرِ أو بَعدَه؛ فإنْ أُغميَ عليه قبلَ الفَجرِ وأفاقَ بعدَه بكَثيرٍ لم يُجزِئْه بلا خِلافٍ، وإنْ أفاقَ بعدَه بيَسيرٍ لم يُجزِئْه على المَشهورِ.

وإنْ أُغميَ عليه بعدَ الفَجرِ؛ فإنْ أفاقَ بعدَه بمُدَّةٍ يَسيرةٍ أجزأه، وإنْ أفاق بعدَ الزَّوالِ أو عندَه لم يُجزِئْه.

والسَّكرانُ بحَلالٍ كالمُغمَى عليه في التَّفصيلِ المَذكورِ، ومن سَكِر بحَرامٍ لَيلًا واستمَرَّ على سُكرِه فعليه القَضاءُ من بابِ أوْلى لِتَسبُّبِه ولم يَجُزْ له استِعمالُ المُفطِرِ بَقيَّةَ يَومِه، والنائِمُ يَنوي في أولِ الشَّهرِ ثم يَنامُ جَميعَ الشَّهرِ صَحَّ صَومُه وبَرِئت ذِمَّتُه وليس مِثلُه السَّكرانُ بحَلالٍ.

وحُكمُ المَجنونِ حُكمُ المُغمى عليه (٢).


(١) «الإفصاح» (١/ ٤٢١).
(٢) «حاشية العدوي» (١/ ٥٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>