للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: مالِكُ بنُ أَنسٍ إمامُ دارِ الهِجرةِ:

مالِكُ بنُ أَنسٍ ، نَجمُ السُّننِ، ووارِثُ العُلومِ النَّبويةِ، والسُّننِ المُصطَفويةِ، في مَدينةِ رَسولِ اللهِ .

قالَ الإمامُ الذَّهبيُّ: قد كانَ هذا الإمامُ من الكُبراءِ والسُّعداءِ، والسادةِ العُلماءِ ذا حِشمةٍ وتَجمُّلٍ وعَبيدٍ، ودارٍ فاخِرةٍ، ونِعمةٍ ظاهِرةٍ، ورِفعةٍ في الدُّنيا والآخِرةِ، كانَ يَقبلُ الهَدايا، ويَأكلُ طَيبًّا ويَعملُ صالِحًا، وما أَحسَنَ قَولَ ابنِ المُبارَكِ فيه:

صَموتٌ إذا ما الصَّمتُ زيَّنَ أَهلَه … وفتَّاقُ أبَكارِ الكَلامِ المُختَّمِ

وَعى ما وَعى القُرآنُ من كلِّ حكمَةٍ … وسِيطَت له الآدابُ باللَّحمِ والدَّمِ (١)

وقالَ أَبو مُصعبٍ: كانوا يَزدحِمونَ على بابِ مالِكٍ، حتى يُقتَتلوا من الزَّحمِ، وكُنا نَكونُ عندَه فلا يُكلِّمُ ذا ذا، ولا يَلتفِتُ ذا إِلى ذا، والناسُ قابِلونَ برُءوسِهم هكذا، وكانَت السَّلاطينُ تَهابُه، وهم قابِلونَ منه ومُستمِعونَ، وكانَ يَقولُ: لا ونَعم، ولا يُقالُ له: من أين قُلتَ هذا؟! (٢).

وقالَ بعضُهم واصِفًا مالِكًا :

يَدعُ الجَوابَ ولا يُراجَعُ هَيبَةً … والسَّائلُونَ نَواكِسُ الأَذقانِ

نورُ الوَقارِ وعزُّ سُلطانِ التُّقى … فهُو المَهيبُ وليسَ ذا سُلطانِ


(١) «سير أعلام النبلاء» (٨/ ١٣٣)، وقوله: «وسِيطَت»، أي: مُزجَت.
(٢) «تاريخ الإسلام» (١١/ ٣٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>