الحالةُ الثانيةُ: ألَّا يَستخدمَ المَغصوبَ في مُدةِ الغَصبِ:
اختَلفَ الفُقهاءُ فيمَن غصَبَ دارًا أو عَبدًا أو دابَّةً أو سَيارةً أو ثَوبًا أو غيرَ ذلك فلم يَنتفِعْ به بسُكنى ولا استِخدامٍ ولا رُكوبٍ ولا لُبسٍ ولا غيرِ ذلك، ولا أَكراه ولا أغَلَّه، هل تَجبُ عليه أُجرةُ المِثلِ للمُدةِ التي قامَت في يَدِه أو لا؟
فذهَبَ الحَنفيةُ والمالِكيةُ في المَشهورِ وأَحمدُ في رِوايةٍ إلى أنَّه لا يَجبُ عليه شَيءٌ ولا يُطالَبُ بأُجرةِ المُدةِ التي بَقيَت غَصبًا في يَدِه؛ لأنَّها مَنافِعُ لم تُستَوفَ من المَغصوبِ فلم يَضمَنْها الغاصِبُ، أصلُه مَنافعُ البُضعِ، وهو أنْ يَحبسَ حُرةً لا يُمكنُها التَّزويجُ ويأخُذَ بَدلَ بُضعِها حتى مَضَت مُدةٌ من الزَّمانِ، فإنَّه لا يَضمَنُ مَهرَ مِثلِها، ولأنَّها مَنافعُ تَلِفَت في يَدِ الغاصِبِ من غيرِ أنْ يَنتفعَ بها أو يأخُذَ لها بَدلًا فلم يَضمَنْها كبُضعِ الأَمةِ (١).
وذهَبَ الشافِعيةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ وبعضُ المالِكيةِ كمُطرِّفٍ وابنِ الماجِشونِ وابنِ عبدِ الحَكمِ وأصبَغَ وابنِ حَبيبٍ إلى أنَّه يَجبُ عليه أُجرةُ المِثلِ للمُدةِ التي قامَت العَينُ في يَدِه فيها، استَوفَى المَنفعةَ أو لم يَستَوفِها
(١) «الهداية» (٤/ ٢٠)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٤٢)، و «العناية» (١٣/ ٤٠١، ٤٠٣)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ١٤٠)، و «اللباب» (١/ ٦٤٠)، و «المعونة» (٢/ ١٩١، ١٩٢)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٣٠٩، ٣١٠)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ١٣٧)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ١٦٨)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٣٩١)، و «الفواكه الدواني» (٢/ ١٧٦)، و «الإنصاف» (٦/ ٢١، ٢٠٢).